فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (90)

{ بئس ما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين ، وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن ما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين } .

{ بئس ما اشتروا به أنفسهم } أي بئس الشيء وقال الفراء بئسما بجملته شيء واحد ركب كحبذا ، بئسما باعوا به حظ أنفسهم حين استبدلوا الباطل بالحق { أن يكفروا بما أنزل الله } يعني القرآن { بغيا } أي حسدا ، قال الأصمعي البغي مأخوذ من قولهم قد بغى الجرح إذا فسد ، وقيل أصله الطلب ولذلك سميت الزانية بغيا وهو علة لقوله يكفرون قاله القاضي ، وقال الزمخشري هو علة لقوله اشتروا وقوله الآتي أن ينزل علة لقوله أي لأن ينزل ، والمعنى أنهم باعوا أنفسهم بهذا الثمن البخس حسدا ومنافسة { أن ينزل الله من فضله } وليس بواجب عليه { على من يشاء من عباده فباؤا } أي فرجعوا وصاروا أحقاء { بغضب على غضب } قيل الغضب الأول لعبادتهم العجل والثاني لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل لكفرهم بعيسى عليه السلام والإنجيل ثم لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن ، وقيل لكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، ثم البغي عليه ، وقال ابن عباس الأول بتضييعهم التوراة وتبديلها والثاني بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم ، وقيل غير ذلك ، والتنكير للتعظيم

{ وللكافرين عذاب مهين } ذو إهانة مأخوذ من الهوان ، وقيل وهو ما اقتضى الخلود في النار .