فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{بِئۡسَمَا ٱشۡتَرَوۡاْ بِهِۦٓ أَنفُسَهُمۡ أَن يَكۡفُرُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بَغۡيًا أَن يُنَزِّلَ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنۡ عِبَادِهِۦۖ فَبَآءُو بِغَضَبٍ عَلَىٰ غَضَبٖۚ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (90)

{ بئس } ذم

{ اشتروا } باعوا { بغيا } حسدا أو فسادا وابتغاء وطلبا

{ فباءوا } فرجعوا { مهين } مذل

{ بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده } ساء ما باعوا به أنفسهم فقد بخسوها حظها من الرشد والسلامة وأوردوها الخزي والسعير والندامة بجحودهم الحق وقد علموه لكن قد كرهه إليهم الحسد المطغي فلم يطيقوا أن يروا نعمة النبوة والوحي تنال خاتم النبيين عليه صلوات الله وفي هذا يقول القرآن الكريم { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا{[348]} } فباؤوا بغضب على غضب } فرجعوا وعادوا بمقت من الله واستحقاق لحلول نقمته سبحانه بهم ، فوق مقت واستحقاق مزيد من نقمة تضاف إلى سابقتها . عن الحسن وقتادة وغيرهما ما حاصله لابد من إثبات سببي غضب ، أحدهما تكذيبهم عيسى وما أنزل عليه ، والثاني تكذيبهم محمدا صلى الله عليه وسلم وما أنزل عليه فصار ذلك سببا بعد سبب لسخط بعد سخط . وعن السدي الأول لعبادة العجل والثاني لكتمانهم نعت محمد صلى الله عليه وسلم وجحدهم نبوته وعن عطاء وغيره المراد إثبات أنواع من الغضب مترادفة لأجل أمور موالية صدرت عنهم كقوله { . . عزير بن الله }{[349]} { . . يد الله مغلولة . . }{[350]} { إن الله فقير ونحن أغنياء }{[351]} . { وللكافرين عذاب مهين } أي ولهم عذاب فوضع

{ الكافرين } وضع المضمر ليدل على أنهم استحقوا العذاب والنقمة بسبب كفرهم { مهين } أي مضمر مذل مخز ولا يلزم من اقتران العذاب بالإهانة تكرار فقد يكون العذاب ولا إهانة كالوالد يؤدب ولده .


[348]:سورة النساء الآيتان 54-55.
[349]:سورة التوبة من الآية 30.
[350]:سورة المائدة من الآية 64
[351]:سورة آل عمران من الآية 181.