الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (11)

قوله : { مِنْ أُنْثَى } : " مِنْ " مزيدةٌ في " أُنْثى " وكذلك في " مِنْ مُعَمَّر " إلاَّ أنَّ الأولَ فاعلٌ ، وهذا مفعولٌ قام مَقامَه و " إلاَّ بعِلْمِه " حالٌ . أي : إلاَّ ملتبسةً بعلمه .

قوله : " مِنْ عُمُرِه " في هذا الضميرِ قولان ، أحدهما : أنه يعودُ على مُعَمَّرٍ آخرَ ؛ لأنَّ المرادَ بقوله : " مِنْ مُعَمَّر " الجنسُ فهو يعودُ عليه لفظاً ، لا معنى ، لأنه بعدَ أَنْ فَرَضَ كونَه معمَّراً ، استحال أَنْ يَنْقُصَ مِنْ عمرِه نفسِه ، كقول الشاعر :

3762 وكلُّ أناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهم *** ونحن خَلَعْنا قيدَه فهو ساربُ

ومنه " عندي درهمٌ ونصفُه " أي : ونصفُ درهمٍ آخرَ . الثاني : أنه يعودُ على " مُعَمَّر " لفظاً . ومعنى ذلك : أنه إذا مضى مِنْ عُمُره حَوْلٌ أُحْصِيَ وكُتِبَ ، ثم حَوْلٌ آخرُ كذلك ، فهذا هو النَّقْصُ . وإليه ذهب ابنُ عباس وابن جبير وأبو مالك . ومنه قولُ الشاعرِ :

3763 حياتُك أَنْفاسٌ تُعَدُّ فكلَّما *** مضى نَفَسٌ منكَ انْتَقَصْتَ به جُزْءا

وقرأ يعقوبُ وسلام - وتُرْوى عن أبي عمروٍ - " ولا يَنْقُصُ " مبنياً للفاعلِ . وقرأ الحسن " مِنْ عُمْره " بسكون الميم .