ثم قال تعالى : { والله خلقكم من تراب ثم من نطفة } أي : خلق آدم الذي هو أبوكم من تراب ، ثم خلقكم يا ذريته من نطفة الرجل والمرأة { ثم جعلكم أزواجا } أي : أجناسا/ وقيل : معناه : زوج الأنثى للذكر قاله قتادة {[56132]} وغيره {[56133]} .
ثم قال تعالى : { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } أي : هو عالم بوقت حمله ووقت وضعه وما هو أذكر أم أنثى .
ثم قال : { وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب } أي : ما يطول في عمر أحد ولا ينقص غيره من مثل ما عمره إلا في كتاب قبل أن تحمل به أمه ، وقبل أن تضعه ، يجعل عمر هذا طويلا وعمر هذا أنقص منه ، فلا يزاد في ذلك ولا ينقص منه .
وقال ابن عباس قولا معناه : ليس أحد قضى الله له طول عمر ببالغ دون ذلك ولا أحد قضى الله له قصر عمر ببالغ أطول من ذلك ، كل في كتاب مبين {[56134]} .
يعني اللوح المحفوظ ، وهذا هو القول الأول بعينه .
وكذلك قال الضحاك وابن زيد {[56135]} .
قال ابن زيد : ألا ترى أن الإنسان يعيش مائة سنة ، والآخر يموت حين يولد {[56136]} .
وهو مذهب الفراء فالهاء تعود على غير المعمر ، والمعنى : وما يعمر من إنسان تعمر ولا ينقص من ذلك العمر من عمر إنسان آخر إلا وهو في كتاب مبين {[56137]} .
ويجوز أن تكون تعود على المعمر على حذف ، والتقدير وما يعمر من معمر ولا ينقص آخر من مثل عمر المعمر الأول في كتاب . وقال ابن عباس وابن جبير : المعنى : ما يعمر من إنسان ولا ينقص من عمر ذلك الإنسان إلا في كتاب ، أي كلما نقص من عمر ابن آدم فهو في كتاب ، أي يكتب نقص من عمره يوم ، نقص شهر ، نقص سنة ، في كتاب آخر إلى أن يستوفي أجله فيموت {[56138]} .
قال ابن جبير : ما مضى من عمره فهو النقصان وما يستقبل فهو الذي يعمره {[56139]} ، وهذا اختيار أبي إسحاق وقوله {[56140]} .
وكان كعب الأحبار يذهب إلى أن الإنسان يجوز أن يزاد في عمره ما لم يحضر الأجل .
وروي أنه لما طعن عمر رضي الله عنه قال : لو شاء الله لزاد في أجله فأنكر عليه ذلك المسلمون ، وقالوا : إن الله جل ذكره يقول : { فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } {[56141]} ، فقال : وإن الله يقول : { وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب } {[56142]} .
وقيل : إن معنى الآية : لن يكون بحكم أن عمر الإنسان مائة سنة إن أطاع الله وتسعون إن عصاه فأيهما بلغ فهو في كتاب .
ثم قال تعالى : { إن ذلك على الله يسير } : أي إحصاء أعمار خلقه عليه يسير سهل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.