غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (11)

1

ولما ذكر دليل الآفاق أكده بدليل الأنفس قائلاً { والله خلقكم من تراب } وفيه إشارة إلى خلق آدم { ثم من نطفة } وفيه إشارة إلى خلق أولاده . ومعنى { أزواجاً } أصنافاً أو ذكراناً وإناثاً . ثم أشار إلى كمال علمه بقوله { وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه } ثم بين نفوذ إرادته بقوله { وما يعمر من معمر } قال جار الله : معناه من أحد ولكنه سماه معمراً باعتبار ما يؤل إليه . وليس المراد تعاقب التعمير وخلافه على شخص واحد وإنما المراد تعاقبهما على شخصين فتسومح في اللفظ تعويلاً على فهم السامع كقول القائل : ما تنعمت بكذا ولا اجتويته إلا قل فيه ثوائي . وتأويل آخر وهو أن يراد لا يطول عمر إنسان ولا ينقص من عمر ذلك الإنسان بعينه { إلا في كتاب } وصورته أن يكتب في اللوح إن حج أو وصل الرحم فعمره أربعون سنة ، وإن جمع بين الأمرين فعمره ستون ، فإذا جمع بينهما فعمر ستين كان الغاية ، وإذا أفرد فعمر أربعين فقد نقص من تلك الغاية . وبهذا التأويل يستبين معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان في الأعمار " ويصح ما استفاض على الألسن " أطال الله بقاءك " . وعن سعيد بن جبير يكتب في الصحيفة أن عمره كذا سنة ، ثم يكتب بعد ذلك في آخرها ذهب يوم ذهب يومان حتى تنقضي المدّة . وعن قتادة : المعمر من بلغ ستين ، والمنقوص من عمره من يموت قبل الستين . وذلك في علم الله . { إن ذلك } الذي ذكر من خلق الإنسان من المادة المذكورة أو الزيادة في الأعمار أو النقصان منها { على الله يسير } .

/خ1