النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمۡ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا} (119)

قوله تعالى : { ولأُضِلَّنهُمْ } يعني عن الإيمان .

{ ولأُمَنِّيَنَّهُمْ } يعني بطول الأمل في الدنيا ليؤثروها على الآخرة .

{ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ الأَنْعَامِ } أي لَيُقَطِّعُنَّهَا نُسكاً لأوثانهم كالبحيرة والسائبة .

{ وَلأَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ } فيه ثلاث تأويلات .

أحدها : يعني دين الله ، وهذا قول الحسن ، وقتادة ، ومجاهد ، وإبراهيم .

والثاني : أنه أراد به خصاء البهائم ، وهذا قول ابن عباس ، وأنس ، وعكرمة .

والثالث : أنه الوشم ، وهو قول ابن مسعود ، والحسن .

قال ابن مسعود : " لَعَنَ اللَّهُ الوَاشِمَاتِ والمُسْتَوشِمَاتِ وَالنَّامِصَاتِ والمتنمِّصَاتِ والمُتَفَلِّجَاتِ للحسُنِ المُغَيِّرَاتِ خَلْقَ اللَّهِ{[716]} " .


[716]:- في ك: "لعن الله المتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" وفي ق: "لعن الله المتفلجات والمتنمصات والمتوشمات المغيرات خلق الله". وقد أخذنا الحديث من مختصر صحيح مسلم رقم 1386 وفيه أن امرأة أنكرت على ابن مسعود هذا القول فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر الحديث بتمامه هناك. والوشم أن يفرز كف المرأة أو وجهها بإبرة ثم يحشى بالكحل ونحوه فيخضر. والواشمة هي التي تقوم بذلك، والمستوشمة هي التي يفعل بها ذلك. أما النامصة فهي التي تقلع الشعر من وجهها بالمنماص وهو المعروف بالملقط، ومثلها المتنمصة، والمتفلجة هي التي تفعل الفلج في أسنانها وهو تباعد ما بين الثنايا والرباعيات حتى ترجع المصمتة الأسنان خلتة فلجاء صنعة وفلج بابه طرب ويقال رجل أفلج وامرأة فلجاء.