الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمۡ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا} (119)

وقال الشيطان أيضاً : ( وَلَأُضِلَّنَّهُمْ ) أي : عن الحق إلى الكفر ( وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ ) أي ولأزيغنهم بما أجعله في نفوسهم من الأماني عن طاعتك ( و( {[13582]} ) ) توحيدك إلى طاعتي .

وقيل : المعنى : أمنيهم طول الحياة وتأخير التوبة مع الإصرار على المعاصي( {[13583]} ) .

( وَلأمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ ْاذَانَ الاَنْعَامِ ) أي : لآمرنهم أن يشرعوا غير ما شرعت لهم فأجعلهم يقطعون [ آذان الأنعام ، وهي البَحيرة كانوا يقطعون ]( {[13584]} ) آذانها لطواغيتهم ، وهو دين شرعه لهم إبليس .

والبَحيرة كانت عندهم( {[13585]} ) : الشاة أو الناقة إذا أنتجت خمسة أبطن شقوا آذانها ، ولم ينتفعوا بها .

والبتك : القطع( {[13586]} ) .

( وَءَلاَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) الآية [ 119 ] .

( قيل : ( {[13587]} ) إخصاء البهائم ، قاله عكرمة( {[13588]} ) وسفيان( {[13589]} ) ) .

وقال ابن عباس : ( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ )( {[13590]} ) دين الله ، قاله مجاهد( {[13591]} ) . وروي عن قتادة والحسن والضحاك ( خَلْقَ اللَّهِ ) الفطرة دين الله( {[13592]} ) .

وقيل : ( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) هو : الوشم( {[13593]} ) .

وقيل : معنى : ( فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ) هو أن الله خلق الشمس والقمر ، والحجارة للمنفعة [ بها ]( {[13594]} ) فحولوا ذلك ، وعبدوها من دون الله( {[13595]} ) .

وكان الطبري يختار( {[13596]} ) قول من قال : المعنى دين الله ، لقول الله تبارك وتعالى : ( فِطْرَتَ اللَّهِ التِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) وقوله ( لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ )( {[13597]} ) أي : دينه يدل عليه قوله : ( ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ )( {[13598]} ) .

قوله : ( وَمَنْ يَّتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّنْ دُونِ اللَّهِ ) أي : يطيعه في معصية الله سبحانه ( فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً ) أي : هلك هلاكاً ظاهراً .


[13582]:- ساقط من (د).
[13583]:- انظر: إعراب النحاس 1/454.
[13584]:- ساقط من (د).
[13585]:- (ج): عندهم هي.
[13586]:- البتك يقارب البت، لكن البتك يستعمل في قطع الأعضاء والشَعَر، يقال: بتك شعره، وأذنه إذا فعل ذلك بنفسه. انظر: مجاز القرآن 1/140، وتفسير الغريب: 136، والمفردات: 33.
[13587]:- (د): قبل.
[13588]:- هي رواية عكرمة عن ابن عباس كما في تفسير مجاهد 1/174.
[13589]:- انظر: جامع البيان 5/282.
[13590]:- ساقط من (ج).
[13591]:- انظر: تفسير مجاهد 1/174، وجامع البيان 5/283.
[13592]:- جامع البيان 5/283-284، والدر المنثور 2/690.
[13593]:- عزاه الطبري إلى الحسن. انظر: المصدر السابق.
[13594]:- ساقط من (أ).
[13595]:- انظر: هذا التوجيه في إعراب النحاس 1/454.
[13596]:- انظر: جامع البيان 5/285.
[13597]:- ساقط من (أ).
[13598]:- الروم آية 29.