الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَأُضِلَّنَّهُمۡ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمۡ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُبَتِّكُنَّ ءَاذَانَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ وَلَأٓمُرَنَّهُمۡ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلۡقَ ٱللَّهِۚ وَمَن يَتَّخِذِ ٱلشَّيۡطَٰنَ وَلِيّٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ فَقَدۡ خَسِرَ خُسۡرَانٗا مُّبِينٗا} (119)

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله { ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام } قال : دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله { فليبتكن آذان الأنعام } قال : التبتك في البحيرة والسائبة ، كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم .

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك { فليبتكن آذان الأنعام } قال : ليقطعن آذان الأنعام .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما يبتكن آذان الأنعام فيشقونها ، فيجعلونها بحيرة .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره الإخصاء ، وقال : فيه نزلت { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } .

وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كره الإخصاء ، وقال : فيه نزلت { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } ولفظ عبد الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله ، ثم قرأ { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } .

وأخرج عبد بن حميد من طرق عن ابن عباس { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } قال : هو الخصاء .

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خصاء الخيل والبهائم ، قال ابن عمر : فيه نماء الخلق " .

وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الروح ، وإخصاء البهائم " .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء البهائم ، ويقول : هل النماء إلا في الذكور .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن شبيل . أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه الآية { فليغيرن خلق الله } قال : الخصاء منه . فأمرت أبا التياج ، فسأل الحسن عن خصاء الغنم ؟ قال : لا بأس به .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله { فليغيرن خلق الله } قال : هو الخصاء .

وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر . أنه كان يكره الخصاء ، ويقول : هو نماء خلق الله .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة . أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عروة . أنه خصى بغلا له .

وأخرج ابن المنذر عن طاوس أنه خصى جملا له .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن سيرين . أنه سئل عن خصاء الفحول ؟ فقال : لا بأس ، لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب .

وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء الخيل ، ونهانا عنه عبد الملك بن مروان .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عطاء . أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند عضاضة وسوء خلقه بأسا .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } قال : دين لله .

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله { فليغيرن خلق الله } قال : دين الله . وهو قوله ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ) ( الروم الآية 30 ) يقول : لدين الله .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم { فليغيرن خلق الله } قال : دين الله .

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير { فليغيرن خلق الله } قال : دين الله .

وأخرج عبد الرزاق وآدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد { فليغيرن خلق الله } قال : دين الله ، ثم قرأ { لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم } .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله { فليغيرن خلق الله } قال : الوشم .

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات ، والمستوشمات ، والمتنمصات ، والمتفلجات للحسن ، والمغيرات خلق الله .

وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة : عن الوشر ، والوشم ، والنتف ، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار ، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار ، وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام ، وأن يجعل على منكبه مثل الأعاجم ، وعن النهبى ، وعن ركوب النمور ، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان " .

وأخرج أحمد عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة ، والمقشورة ، والواشمة ، والمستوشمة ، والواصلة ، والمتصلة " .

وأخرج أحمد ومسلم عن جابر قال : " زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا " .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة . إن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت ، فتمعط شعرها ، فأرادوا أن يصلوها ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لعن الله الواصلة والمستوصلة " .

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : " أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا ، وأنه أصابها حصبة فتمزق شعرها ، أفأصله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة ، والمستوصلة " .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله { ولآمرنهم فليغيرن خلق الله } قال : ما بال أقوام جهلة ، يغيرون صبغة الله ولون الله .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : " كل ما هو آت قريب ، ألا إن البعيد ما ليس بآت ، ألا لا يعجل الله لعجلة أحد ، ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس ، يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا ، ما شاء الله كان ولو كره الناس ، لا مقرب لما باعد الله ، ولا مباعد لما قرب الله ، ولا يكون شيء إلا بإذن الله ، أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وخير ما ألقي في القلب اليقين ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير العلم ما نفع ، وخير الهدي ما اتبع ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع ، ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم ، فإن لكل نفس نشاطا وإقبالا ، وإن لها سآمة وإدبارا ، ألا وشر الروايا روايا الكذب ، والكذب يقود إلى الفجور ، وإن الفجور يقود إلى النار ، ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر يقود إلى الجنة ، واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقتا يقال للصادق صدق وبر ، ويقال للكاذب كذب وفجر ، وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : لا يزال العبد يصدق حتى يكتب صديقا ، ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا .

ألا وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ، ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له ، ألا ولا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في دينهم ، فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه واسكتوا ، ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء ، ألا وإن البيت الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له ، ألا وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه " .

وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال : " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، فأشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان منها على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا الليلة ؟ فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك ، فانتقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ، ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح بتبوك ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد :

فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأوثق العرا كلمة التقوى ، وخير الملل ملة إبراهيم ، وخير السنن سنة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأشرف الحديث ذكر الله ، وأحسن القصص هذا القرآن ، وخير الأمور عوازمها ، وشر الأمور محدثاتها ، وأحسن الهدي هدي الأنبياء ، وأشرف الموت قتل الشهداء ، وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي ، وخير العلم ما نفع ، وخير الهدى ما اتبع ، وشر العمى عمى القلب ، واليد العليا خير من اليد السفلى ، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى ، وشر المعذرة حين يحضر الموت ، وشر الندامة يوم القيامة ، ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا دبرا ، ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا ، وأعظم الخطايا اللسان الكذوب ، وخير الغنى غنى النفس ، وخير الزاد التقوى ، ورأس الحكمة مخافة الله عز وجل ، وخير ما وقر في القلوب اليقين ، والارتياب من الكفر ، والنياحة من عمل الجاهلية ، والغلول من جثاء جهنم ، والكنز كي من النار ، والشعر من مزامير إبليس ، والخمر جماع الإثم ، والنساء حبالة الشيطان ، والشباب شعبة من الجنون ، وشر المكاسب كسب الربا ، وشر المآكل مال اليتيم ، والسعيد من وعظ بغيره ، والشقي من شقي في بطن أمه ، وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع ، والأمر بآخره ، وملاك العمل خواتمه ، وشر الروايا روايا الكذب ، وكل ما هو آت قريب ، وسباب المؤمن فسوق ، وقتال المؤمن كفر ، وأكل لحمه من معصية الله ، وحرمة ماله كحرمة دمه ، ومن يتأول على الله يكذبه ، ومن يغفر يغفر له ، ومن يغضب يغضب الله عنه ، ومن يكظم الغيظ يأجره الله ، ومن يصبر على الرزية يعوضه الله ، ومن يتبع السمعة يسمع الله به ، ومن يصبر يضعف الله له ، ومن يعص الله يعذبه الله ، اللهم اغفر لي ولأمتي ، قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم " .

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله ، فذكر مثله سواء