النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

قوله عز وجل : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَينِهِمَا } يعني مشاقة كل واحد منهما من صاحبه ، وهو إتيانه ما يشق عليه من أمور أما من المرأة فنشوزها عنه وترك ما لزمها من حقه ، وأما من الزوج فعدوله عن إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، والشقاق مصدر من قول القائل شاق فلان فلاناً إذا أتى كل واحد منهما إلى صاحبه بما يشق عليه ، وقيل لأنه قد صار في شق بالعداوة والمباعدة .

{ فَابْعَثْوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا } وفي المأمور بإيفاد الحكمين ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه السلطان إذا تراجع إليه الزوجان ، وهو قول سعيد بن جبير ، والضحاك .

والثاني : الزوجان ، وهو قول السدي .

والثالث : أحد الزوجين وإن لم يجتمعا .

{ إِن يُرِيدَآ إِصْلاَحاً } يعني الحَكَمَين .

{ يُوَفِقِ اللهُ بَيْنَهُمَا } يحتمل وجهين :

أحدهما : يوفق الله بين الحكمين في الصلاح بين الزوجين .

والثاني : يوفق الله بينهما بين الزوجين بإصلاح الحَكَمَين ، والحكمين للإصلاح .

وفي الفُرْقَةِ إذا رأياها صلاحاً من غير إذن الزوجين قولان :

أحدهما : ليس ذلك إليها لأن الطلاق إلى الزوج .

والثاني : لهما ذلك لأن الحَكَم مشتق من الحُكم فصار كالحاكم بما يراه صلاحاً .