بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

ثم قال تعالى للأولياء { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } يقول : إن علمتم خلافاً بين الزوجين ، ويقال : إن خفتم الفراق بينهما ولا تدرون من أيهما يقع النشوز فيقول : { فابعثوا حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَا } يعني رجلاً عدلاً من أهل الزوج له عقل وتمييز ، يذهب إلى الرجل ويخلو به ، ويقول له : أخبرني ما في نفسك أتهواها أم لا ؟ حتى أعلم بمرادك ، فإن قال : لا حاجة لي بها خذ مني لها ما استطعت وفرق بيني وبينها ، فيعرف أن من قبله جاء النشوز .

وإن قال : فإني أهواها فأرضيها من مالي بما شئت ولا تفرق بيني وبينها ، فيعرف أنه ليس بناشز . ويخلو ولي المرأة بها ويقول : أتهوين زوجك أم لا ؟ فإن قالت : فرق بيني وبينه وأعطه من مالي ما أراد ، علم أن النشوز من قبلها . وإن قالت : لا تفرق بيننا ولكن حثّه حتى يزيد في نفقتي ويحسن إلي ، علم أن النشوز ليس من قبلها . فإذا ظهر لهما الذي كان النشوز من قبله يقبلان عليه بالعظة والزجر والنهي ، وذلك قوله تعالى { فابعثوا حَكَماً مّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مّنْ أَهْلِهَا } { إِن يُرِيدَا إصلاحا } يعني عدلاً فينظران في أمرهما بالنصيحة والموعظة { يُوَفّقِ الله بَيْنَهُمَا } بالصلاح ويقال : كل اثنين يقومان في الإصلاح بين اثنين بالنصيحة ، يقع الصلح بينهما لقوله تعالى { إِن يُرِيدَا إصلاحا يُوَفّقِ الله بَيْنَهُمَا } ثم قال : { إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً خَبِيراً } أي { عليما }ً بهما { خبيرا }ً بنصيحتهما . وفي هذه الآية دليل على إثبات التحكيم ، وليس كما يقول الخوارج إنه ليس الحكم لأحد سوى الله تعالى ، فهذه كلمة حق ولكن يريدون بها الباطل .