فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

{ وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها } . . ، قال الفقهاء : إذا وقع الشقاق بين الزوجين أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ، ينظر في أمرها ، ويمنع الظالم منهما من الظلم ؛ فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما ، بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة ، وثقة من قوم الرجل ، ليجتمعا فينظرا في أمرهما ، ويفعلا ما فيه المصلحة ، مما يريانه من التفريق أو التوفيق ، وتشوف الشارع إلى التوفيق ، ولهذا قال تعالى : { إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما } . . .

عن ابن عباس قال : بعثت أنا ومعاوية حكمين ، قال معمر : بلغني أن عثمان بعثهما وقال لهما : إن رأيتهما أن تجمعا جمعتما ، وإن رأيتما أن تفرقا ففرقا ؛ وقال : أنبأنا ابن جريج حدثني ابن أبي مليكة أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة بنت عتبة بن ربيعة . . . . . فكان إذا دخل عليها قالت : أين عتبة بن ربيعة وشيبة ابن ربيعة ؟ ! فقال : على يسارك في النار إذا دخلتِ ؛ فشدت عليها ثيابها ، فجاءت عثمان فذكرت له ذلك ، فضحك ، فأرسل ابن عباس ومعاوية ، فقال ابن عباس : لأفرقن بينهما ، فقال معاوية : ما كنت لأفرق بين شخصين من بني عبد مناف ؛ فأتياهما فوجداهما قد أغلقا عليهما أبوابهما فرجعا-( {[1384]} ) ، وكذلك كل مصلح يوفقه الله للرشد والبر ، ويوفق به للمودة والخير ؛ { إن الله كان عليما خبيرا } هو سبحانه يعلم المفسد من المصلح ، محيط بأحوال جميع الخلق ، يجازي كل عامل بما عملَ ويثيب الذين أساءوا بشر ثواب ، ويكرم الذين أحسنوا بأعظم مآب .


[1384]:من تفسير القرآن العظيم؛ بتصرف يسير.