الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

قوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فابعثوا . . . } [ النساء :35 ] .

اختلف من المأمور بالبَعْثَةِ ، فقيل : الحُكَّام ، وقيل : المُخَاطَب الزَّوْجَانِ ، وإِليهما تقديمُ الحَكَمَيْنِ ، وهذا في مَذْهب مالك ، والأول لربيعةَ وغيره ، ولا يُبْعَثُ الحَكَمَانِ إِلاَّ مع شدَّة الخوْفِ والشِّقَاقِ ، ومذهبُ مالك وجمهورِ العُلَمَاءِ : أنَّ الحَكَمَيْن يَنْظُران في كلِّ شيء ، ويحملان على الظَّالم ، ويُمْضِيَان ما رَأَياه مِنْ بقاء أو فراقٍ ، وهو قولُ عليَّ بنِ أبي طالب في «المدوَّنة » وغيرها .

وقوله : { إِن يُرِيدَا إصلاحا } قال مجاهد وغيره : المرادُ الحَكَمَانِ ، أي : إِذا نَصَحَا وقَصَدَا الخَيْرَ ، بُورِكَ في وَسَاطتهما ، وقالتْ فرقةٌ : المرادُ الزَّوْجَان ، والأول أظهرُ ، وكذلك الضميرُ في { بَيْنَهُمَا } يحتمل الأمرين ، والأظهرُ أنه للزَّوْجَيْن ، والاِتصاف ب { عَلِيماً خَبِيراً } : يناسبُ ما ذَكَر من إِرادة الإِصلاح .