التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

قوله تعالى : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا )قال الإمام أحمد : حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع ، حدثني يحيى بن سليم ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري قال : جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس ، مرجعه من العراق ليالي قتل على فقالت له : يا عبد الله بن شداد ، هل أنت صادقي عما أسألك عنه ؟ تحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي ؟ قال : وما لي لا أصدقك ؛ قالت : فحدثني عن قصتهم ، قال : فإن عليا لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس ، فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة ، وإنهم عتبوا عليه فقالوا : انسلخت من قميص ألبسكه الله تعالى ، و اسم سماك الله تعالى به ، ثم انطلقت فحكمت في دين الله ، فلا حكم إلا لله تعالى ، فلما أن بلغ عليا ما عتبوا عليه و فارقوه عليه ، فأمر مؤذنا فأذن ، ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل حمل القرآن ، فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم ، فوضعه بين يديه ، فجعل يصكه بيده ويقول : أيها المصحف ؛ حدث الناس ؛ فناداه الناس فقالوا : يا أمير المؤمنين ، ما تسأل عنه ؟ إنما هو مداد في ورق ؛ ونحن نتكلم بما روينا منه ؛ فماذا تريد ؟ قال : أصحابكم هؤلاء الذين خرجوا ، بيني وبينهم كتاب الله ، يقول الله تعالى في كتابه في امرأة ورجل : ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل . . .

( المسند ح 656 ) . وصحح أحمد شاكر إسناده ، و أخرجه الضياء ( المختارة 2/222-226 ح 605 ) من طريق ابن أبي عمر العدني ، عن يحيى بن سليم به . وقال ابن كثير : إسناده صحيح ( البداية و النهاية 7/279-280 ) وصحح إسناده محقق الضياء . وقال المنذري : رواه أحمد بإسناد جيد( الترغيب 3/64 ) وقال الهيثمي : رجاله ثقات ( مجمع الزوائد 3/119 ) وحسنه السيوطي وصححه المناوي ( فيض القدير شرح الجامع الصغير 5/423ح 1824 ) و صححه الألباني ( صحيح الجامع رقم 5535 ) .

انظر تفسير سورة البقرة الآية ( 137 ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : فهذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما ، فأمر الله سبحانه أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ، ومثله من أهل المرأة ، فينظران أيهما المسيء ، فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته و قصروه على النفقة ، و إن كانت المرأة هي المسيئة ، فقصروها على زوجها ومنعوها النفقة ، فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا ، فأمرهما جائز ، فإن رأيا أن يجمعا ، فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ، ثم مات أحدهما ، فإن الذي رضي يرث الذي كره ، ولا يرث الكاره الراضي و ذلك قوله تعالى ( إن يريدا إصلاحا ) قال : هما الحكمان ( يوفق الله بينهما ) .

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : قوله ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) وذلك الحكمان ، وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق و الصواب .