الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَإِنۡ خِفۡتُمۡ شِقَاقَ بَيۡنِهِمَا فَٱبۡعَثُواْ حَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهِۦ وَحَكَمٗا مِّنۡ أَهۡلِهَآ إِن يُرِيدَآ إِصۡلَٰحٗا يُوَفِّقِ ٱللَّهُ بَيۡنَهُمَآۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرٗا} (35)

قوله تعالى : { شِقَاقَ بَيْنِهِمَا } : فيه وجهان ، أحدهما : أن الشقاق مضاف إلى " بين " ومعناها الظرفية ، والأصل : " شقاقاً بينهما " ولكنه اتُّسِعَ فيه فَأُضيف الحدث إلى ظرفه ، وظرفيتهُ باقيةٌ نحو : سَرَّني مسير الليلة ، ومنه

{ مَكْرُ الْلَّيْلِ } [ سبأ : 33 ] . والثاني : أنه خرج عن الظرفية ، وبقي كسائر الأسماء كأنه أريد به المعاشرةُ والمصاحبة بين الزوجين ، وإلى هذا مَيْلُ أبي البقاء قال : " والبَيْنُ هنا الوصلُ الكائنُ بين الزوجين " .

و { مِنْ أَهْلِهِ } فيه وجهان ، أحدُهما : أنه متعلِّقٌ ب " ابعثوا " فهي لابتداءِ الغاية . والثاني : أن يتعلَّقَ بمحذوفٍ لأنها صفةٌ للنكرةِ أي : كائناً من أهلِه فهي للتبعيضِ .

قوله : { إِن يُرِيدَآ } الضميران في " يُريدا " و " بينهما " يجوز أن يعودا على الزوجين أي : إنْ يُرِدِ الزوجان إصلاحاً يُوَفِّق الله بين الزوجين ، وأَنْ يعودا على الحكمين ، وأَنْ يعودَ الأول على الحكمين ، والثاني على الزوجين ، وأن يكونَ بالعكس ، وأُضْمِر الزوجان وإن لم يَجْرِ لهما ذِكْرٌ لدلالة ذِكْرِ الرجال والنساء عليهما . وجَعَل أبو البقاء الضمير في " بينهما " عائداً على الزوجين فقط ، سواءً قيل بأن ضمير " يريدا " عائد على الحكمين أو الزوجين .