النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرٞ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ يَغۡفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُۚ وَلِلَّهِ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا بَيۡنَهُمَاۖ وَإِلَيۡهِ ٱلۡمَصِيرُ} (18)

قوله تعالى : { وَقَالَتِ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَآءُ اللَّهِ وَأَحِبّآؤُهُ } في قولهم ثلاثة أقاويل :

أحدها : أنه قول جماعة من اليهود حذرهم النبي صلى الله عليه وسلم عقاب الله ، وخوفهم به ، فقالوا لا تخوفنا : { نَحنُ أَبْنآءُ اللَّهِ وَأَحِبَّآؤُهُ } ، وهذا قول ابن عباس .

والثاني : أن اليهود تزعم أن الله عز وجل أوحى إلى إسرائيل أن ولدك بِكْري من الولد ، فقالوا ، { نَحنُ أَبْنآءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } وهذا قول السدي .

وقال الحسن : أنهم قالوا ذلك على معنى قرب الولد من والده ، وهو القول الثالث .

وأما النصارى ، ففي قولهم لذلك قولان :

أحدهما : لتأويلهم ما في الإِنجيل من قوله{[800]} : اذهب إلى أبي وأبيكم ، فقالوا لأجل ذلك { نَحنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } والثاني : لأجل قولهم في المسيح : ابن الله ، وهم يرجعون إليه ، فجعلوا نفوسهم أبناء الله وأحباءه ، فرد الله منطقهم ذلك بقوله :

{ . . . فَلِمَ يُعَذّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ } لأن الأب لإِشفاقه لا يعذب ابنه ، ولا المحب حبيبه .


[800]:- أي قول عيسى.