النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا} (18)

{ وأنَّ المساجدَ للَّهِ } فيه أربعة أقاويل :

أحدها : يعني الصلوات للَّه ، قاله ابن شجرة .

الثاني : أنها الأعضاء التي يسجد عليها للَّه ، قاله الربيع .

الثالث : أنها المساجد التي هي بيوت اللَّه للصلوات ، قاله ابن عباس .

الرابع : أنه كل موضع صلى فيه الإنسان ، فإنه لأجل السجود فيه يسمى مسجداً .

{ فلا تَدْعُوا مع اللَّهِ أحَداً } أي فلا تعبدوا معه غيره ، وفي سببه ثلاثة أقاويل :

أحدها : ما حكاه الأعمش أن الجن قالت : يا رسول الله ائذن لنا نشهد معك الصلاة في مسجدك ، فنزلت هذه الآية .

الثاني : ما حكاه أبو جعفر محمد بن علّي أن الحمس من مشركي أهل مكة وهم كنانة وعامر وقريش كانوا يُلبّون حول البيت : لبيّك اللهم لبيّك ، لبيّك لا شريك لك ، إلا شريكاً هو لك ، تملكه وما ملك ، فأنزل اللَّه هذه الآية نهياً أن يجعل للَّه شريكاً{[3107]} ، وروى الضحاك عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل المسجد قدّم رجله اليمنى وقال : " وأن المساجد للَّه فلا تدعوا مع اللَّه أحداً " اللهم أنا عبدك وزائرك ، وعلى كل مزور حق وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار " وإذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى وقال : " اللهم صُبَّ الخير صبّاً ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبداً ولا تجعل معيشتي كدّاً واجعل لي في الخير جداً{[3108]} " .


[3107]:لم يذكر القول الثالث ولعله قوله: وروى الضحاك إلخ.
[3108]:الجد: الحظ والنصيب.