البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا} (18)

وقرأ الجمهور : { وأن المساجد } ، بفتح الهمزة عطفاً على { أنه استمع } ، فهو من جملة الموحى .

وقال الخليل : معنى الآية : { وأن المساجد لله فلا تدعوا } : أي لهذا السبب ، وكذلك عنده { لإيلاف قريش } { فليعبدوا } وكذلك { وأن هذه أمتكم } أي ولأن هذه .

وقرأ ابن هرمز وطلحة : وإن المساجد ، بكسرها على الاستئناف وعلى تقدير الخليل ، فالمعنى : فلا تدعوا مع الله أحداً في المساجد لأنها لله خاصة ولعبادته ، والظاهر أن المساجد هي البيوت المعدة للصلاة والعبادة في كل ملة .

وقال الحسن : كل موضع سجد فيه فهو مسجد ، كان مخصوصاً لذلك أو لم يكن ، لأن الأرض كلها مسجد هذه الأمة .

وأبعد ابن عطاء في قوله إنها الآراب التي يسجد عليها ، واحدها مسجد بفتح الجيم ، وهي الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان عد الجبهة والأنف واحداً وأبعد أيضاً من قال المسجد الحرام لأنه قبلة المساجد ، وقال : إنه جمع مسجد وهو السجود .

وروي أنها نزلت حين تغلبت قريش على الكعبة ، فقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : المواضع كلها لله ، فاعبده حيث كنت .

وقال ابن جبير : نزلت لأن الجن قالت : يا رسول الله ، كيف نشهد الصلاة معك على نأينا عنك ؟ فنزلت الآية ليخاطبهم على معنى أن عبادتكم حيث كنتم مقبولة إذ دخلنا المساجد .