معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : هي الزكاة ، وهو قول ابن عمر ، والحسن ، وقتادة والضحاك . وقال عبد الله بن مسعود : { الماعون } الفأس ، والدلو ، والقدر ، وأشباه ذلك ، وهي رواية سعيد بن جبير عن ابن عباس . قال مجاهد : { الماعون } العارية . وقال عكرمة : أعلاها الزكاة المعروفة ، وأدناها عارية المتاع . وقال محمد بن كعب والكلبي : { الماعون } المعروف الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم . قال قطرب : أصل الماعون من القلة ، تقول العرب : ما له : سعة ولا منعة ، أي شيء قليل ، فسمى الزكاة والصدقة والمعروف ماعوناً ؛ لأنه قليل من كثير . وقيل : { الماعون } ما لا يحل منعه ، مثل : الماء ، والملح ، والنار .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

{ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } أي : يمنعون إعطاء الشيء ، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية ، أو الهبة ، كالإناء ، والدلو ، والفأس ، ونحو ذلك ، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به{[1483]} .

فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون ، فكيف بما هو أكثر منه .

وفي هذه السورة ، الحث على إكرام{[1484]}  اليتيم ، والمساكين ، والتحضيض على ذلك ، ومراعاة الصلاة ، والمحافظة عليها ، وعلى الإخلاص [ فيها و ] في جميع الأعمال .

والحث على [ فعل المعروف و ] بذل الأموال الخفيفة ، كعارية الإناء والدلو والكتاب ، ونحو ذلك ؛ لأن الله ذم من لم يفعل ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، والحمد لله رب العالمين .


[1483]:- في ب: ببذله والسماح به.
[1484]:- في ب: إطعام.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

{ يمنعون الماعون } الزكاة أو ما يتعاور في العادة ، والفاء جزائية ، والمعنى إذا كان عدم المبالاة باليتيم من ضعف الدين والموجب للذم والتوبيخ فالسهو عن الصلاة التي هي عماد الدين ، والرياء الذي هو شعبة من الكفر ، ومنع الزكاة التي هي قنطرة الإسلام ، أحق بذلك ، ولذلك رتب عليها الويل ، أو للسببية على معنى فويل لهم ، وإنما وضع المصلين موضع الضمير للدلالة على سوء معاملتهم مع الخالق والخلق .

ختام السورة:

عن النبي صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة ( أرأيت ) غفر له إن كان للزكاة مؤديا " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

{ ويمنعون الماعون } أي الصدقة أو الزكاة ، قال تعالى في المنافقين : { ويقبضون أيديهم } [ التوبة : 67 ] فلما عُرفوا بهذه الخلال كان مفاد فاء التفريع أن أولئك المتظاهرين بالصلاة وهم تاركوها في خاصتهم هم من جملة المكذبين بيوم الدين ويدُعُّون اليتيم ولا يحضّون على طعام المسكين .

وحكى هبة الله بن سَلاَمَة في كتاب « الناسخ والمنسوخ » : أن هذه الآيات الثلاث نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ، أي فإطلاق صيغة الجمع عليه مراد بها واحد على حد قوله تعالى : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ الشعراء : 105 ] أي الرسول إليهم .

والسهو حقيقته : الذهول عن أمر سبق عِلمُه ، وهو هنا مستعار للإِعراض والترك عن عمد استعارة تهكمية مثل قوله تعالى : { وتنسون ما تشركون } [ الأنعام : 41 ] أي تعرضون عنهم ، ومثله استعارة الغفلة للإعراض في قوله تعالى : { بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين } في سورة الأعراف ( 136 ) وقوله تعالى : { والذين هم عن آياتنا غافلون } في سورة يونس ( 7 ) ، وليس المقصود الوعيد على السهو الحقيقي عن الصلاة لأن حكم النسيان مرفوع على هذه الأمة ، وذلك ينادي على أن وصفهم بالمصلين تهكم بهم بأنهم لا يصلون .

واعلم أنه إذا أراد الله إنزال شيء من القرآن ملحقاً بشيء قبله جعَل نظم الملحق مناسباً لما هو متصل به ، فتكون الفاء للتفريع . وهذه نكتة لم يسبق لنا إظهارها فعليك بملاحظتها في كل ما ثبت أنه نزل من القرآن ملحقاً بشيء نزل قبله منه .