غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

وفي { الماعون } أقوال : فأكثر المفسرين على أنه اسم جامع لما لا يمنع في العادة ، ويسأله الفقير والغني في أغلب الأحوال ، ولا ينسب سائله إلى لؤم ؛ بل ينسب مانعه إلى اللؤم والبخل ، كالفأس والقدر والدلو والمقدحة والغربال والقدوم ، ويدخل فيه الماء والملح والنار ، لما روي " ثلاثة لا يحل منعها : الماء والنار والملح " ، ومن ذلك أن يلتمس جارك الخبز في تنورك ، أو أن يضع متاعه عندك يوماً أو نصف يوم . قالوا : هو " فاعول " من المعن ، وهو الشيء القليل ، ومنه : ماله سعنة ومعنة ، أي كثير وقليل . وقد تسمى الزكاة ماعوناً ؛ لأنه يؤخذ من المال ربع العشر ، وهو قليل من كثير . قال العلماء : ومن الفضائل أن يستكثر الرجل في منزله مما يحتاج إليه الجيران ، فيعيرهم ذلك ، ولا يقتصر على قدر الضرورة ، وقد يكون منع هذه الأشياء محظوراً في الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار . وعن أبي بكر وعلي رضي الله عنهم وابن عباس وابن الحنيفة وابن عمرو والحسن وسعيد بن جبير وعكرمة وقتادة والضحاك : هو الزكاة ؛ لأنه تعالى ذكرها عقيب الصلاة . وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : الماعون هو الماء ، ولعله خص بالذكر ؛ لأنه أعز مفقود ، وأرخص موجود ، وأول آلام أهل النار { أفيضوا علينا من الماء } [ الأعراف :50 ] وأول لذات أهل الجنة { وسقاهم ربهم شراباً } [ الدهر :21 ] وقيل : هو حسن الانقياد والطاعة . وفي الآيتين إشارة إلى أن الصلاة لي ، والماعون للخلق ، فالذي يحب أن يفعل لأجلي يرونه الناس ، والذي هو حق الخلق يمنعونه منهم ، فلا يراعون جانب التعظيم لأمر الله ، ولا جانب الشفقة على خلق الله ، وهذه كمال الشقاوة نعوذ بالله منها . والله تعالى أعلم .

/خ7