فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَيَمۡنَعُونَ ٱلۡمَاعُونَ} (7)

{ ويمنعون } الناس أو الطالبين { الماعون } فاعول من المعن الشيء ، وهو القليل . يقال : ماله معن أي قليل ، قاله قطرب ، أو اسم مفعول من عانه يعينه ، والأصل معوون ، وكان من حقه على هذا أن يقال معون ، كمصون ومقول اسمي مفعول من صان وقال ، ولكنه قلبت الكلمة بأن قدمت عينا على فائها فصار موعون ، ثم قلبت الواو الأولى ألفا فوزنه الآن معقول .

قال أكثر المفسرين : الماعون اسم لما يتعاوره الناس بينهم من الدلو والفاس والقدر ، وما لا يمنع كالماء والملح ، وقيل : هو الزكاة ، أي يمنعون زكاة أموالهم ، قال الزجاج وأبو عبيد والمبرد : الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة ، حتى الفاس والدلو والقدر والقادحة ، وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير .

وقالوا أيضا : الماعون في الإسلام الطاعة والزكاة ، وقال الفراء : سمعت بعض العرب يقول : الماعون الماء ، وقيل : الماعون هو الحق على العبد على العموم ، وقيل : هو المستقل من منافع الأموال ، مأخوذ من المعن ، وهو القليل .

قال قطرب : أصل الماعون من القلة ، والمعن الشيء القليل ، فسمى الله الصدقة والزكاة ونحو ذلك من المعروف ماعونا ؛ لأنه قليل من كثير ، وقيل : هو ما يبخل به كالماء والملح والنار .

وعن ابن مسعود قال : " كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عارية : الدلو والقدر والفاس والميزان وما تتعاطون بينكم " ، وعنه قال : " كان المسلمون يستعيرون من المنافقين القدر والفاس وشبهه ، فيمنعونهم ، فأنزل الله { ويمنعون الماعون } " .

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الآية قال : " ما تعاور الناس بينهم : الفاس والقدر والدلو وأشباهه " ، أخرجه أبو نعيم والديلمي وابن عساكر .

وعن قرة بن دعموص النمري أنهم وفدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا : يا رسول الله ، ما تعهد إلينا ؟ قال : " لا تمنعوا الماعون " . قالوا : وما الماعون ؟ قال : " في الحجر والحديدة وفي الماء " . قالوا : فأي الحديدة ؟ قال : " قدركم النحاس ، وحديد الفاس الذي تمتهنون به " ، قالوا : وما الحجر ؟ قال : " قدوركم الحجارة " ، أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه . قال ابن كثير : غريب جدا ، ورفعه منكر ، وفي إسناده من لا يعرف .

وعن سعيد بن عياض عن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم : الماعون الفأس والقدر والدلو ، وقال ابن عباس : عارية متاع البيت ، وعن علي بن أبي طالب قال : الماعون : الزكاة المفروضة ، يراؤون بصلاتهم ، ويمنعون زكاتهم .