قوله : { وَيَمْنَعُونَ الماعون } . في «المَاعُون » أوجه :
أحدها : «فاعول » من المعن ، وهو الشيء القليل ، يقال : ما له معنة ، أي : قليل ، قاله قطربٌ .
الثاني : أنه اسم مفعول من أعانه يعينه [ والأصل : مَعُون ، وكان من حقّه على هذا أن يقال : معون ك «مقول » و«مصون » اسم مفعول من : قال وصان ، ولكن قلبت الكلمة بأن قدمت عينها قبل فائها ، فصار موعون ، ثم قلبت الواو الأولى ألفا كقولهم تاب وصام في توبة وصومة ، فوزنه الآن مفعول ، وفيه شذوذ معان كقام ، وأما مفعول فاسم مفعول الثلاثي .
الثاني : القلب ، وهو خلاف الأصل .
الثالث : قلب حرف العلة ألفاً وإن لم يتحرك ، وقياسه على تابه وصامه بعيد لشذوذ المقيس عليه ، وقد يجاب عن الثالث بأن الواو متحركة في الأصل قبل القلب ، فإنه بزنة معوون الوجه ]{[60940]} .
والثالث : أن أصله «معونة » ، والألف عوض عن الهاء .
ووزنه «مفعل » ك «ملوم » ، ووزنه بعد الزيادة «مافعل » .
اختلف المفسرون في «الماعون » ، وأحسنها : أنه ما كان يستعان به ، وينتفع به كالفأس والدلو ، والمقدحة .
5323- بأجْودَ مِنهُ بِمَاعُونهِ *** إذَا ما سَماؤهُمُ لَمْ تَغِمْ{[60941]}
ولم يذكر المفعول للمنع ، إما للعلم به ، أي : يمنعون النَّاس ، أو الطالبين ، وإما لأن الغرض ذكر ما يمنعونه ، تنبيهاً لخساستهم ، وضَنّهم بالأشياء النافعة المستقبح منها عند كل أحد .
فإن قيل : هذه الآية تدلُّ على التهديد العظيم بالسَّهو عن الصَّلاة ، والرياء ، ومنع الماعُون ، وذلك من باب الذنوب ، ولا يصير المرء به منافقاً ، فلم حكم الله بمثل هذا الوعيد على هذا الفعل ؟ فالجواب من وجوه :
الأول : قال ابن الخطيب{[60942]} : المراد بالمصلين هنا المنافقون الذين يأتون بهذه الأفعال ، وعلى هذا التقدير : دلّت الآية على أن الكافر له مزيد عقوبة على فعل محظورات الشرعِ ، وتركه واجبات الشَّرع ، وذلك يدل على أنًّ الكفار مخاطبون بفروع الإسلام .
الثاني : قيل لعكرمة : من منع شيئاً من المتاع كان له الويلُ ؟ فقال : لا ، ولكن من جمع ثلاثتهن فله الويل ، يعني : ترك الصلاةِ ، وفعل الرياء ، وترك الماعون .
روى الثعلبي عن أبيّ - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورَةَ { أَرَأَيْتَ الذي يُكَذِّبُ بالدين } غَفرَ اللهُ لهُ إنْ كَان مُؤدِّياً للزَّكَاةِ »{[1]} والله تعالى أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.