قوله تعالى : { قل } يا محمد { هذه } الدعوة التي أدعو إليها والطريقة التي أنا عليها ، { سبيلي } سنتي ومنهاجي . وقال مقاتل : ديني ، نظيره قوله : { ادع إلى سبيل ربك } [ النحل-125 ] أي : إلى دينه .
قوله تعالى : { أدعو إلى الله على بصيرة } على يقين ، والبصيرة : هي المعرفة التي تميز بها بين الحق والباطل ، { أنا ومن اتبعني } أي : ومن آمن بي وصدقني أيضا يدعو إلى الله . هذا قول الكلبي وابن زيد ، قالوا : حق على من اتبعه أن يدعوا إلى ما دعا إليه ، ويذكر بالقرآن . وقيل : تم الكلام عند قوله : { أدعو إلى الله } ثم استأنف : { على بصيرة أنا ومن اتبعني } ، يقول : إني على بصيرة من ربي وكل من اتبعني . قال ابن عباس : يعني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا على أحسن طريقة وأقصد هداية ، معدن العلم ، وكنز الإيمان ، وجند الرحمن . قال عبد الله بن مسعود : من كان مستنا فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا خير هذه الأمة ، وأبرها قلوبا ، وأعمقها علما ، وأقلها تكلفا ، اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ولإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم ، واتبعوهم في آثارهم وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم وسيرهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم .
قوله تعالى : { وسبحان الله } أي : وقل سبحان الله تنزيها له عما أشركوا به { وما أنا من المشركين } .
{ 108 - 109 } { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ }
يقول تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ } للناس { هَذِهِ سَبِيلِي } أي : طريقي التي أدعو إليها ، وهي السبيل الموصلة إلى الله وإلى دار كرامته ، المتضمنة للعلم بالحق والعمل به وإيثاره ، وإخلاص الدين لله وحده لا شريك له ، { أَدْعُو إِلَى اللَّهِ } أي : أحثُّ الخلق والعباد إلى الوصول إلى ربهم ، وأرغِّبهم في ذلك وأرهِّبهم مما يبعدهم عنه .
ومع هذا فأنا { عَلَى بَصِيرَةٍ } من ديني ، أي : على علم ويقين من غير شك ولا امتراء ولا مرية . { وَ } كذلك { مَنِ اتَّبَعَنِي } يدعو إلى الله كما أدعو على بصيرة من أمره . { وَسُبْحَانَ اللَّهِ } عما نسب إليه مما لا يليق بجلاله ، أو ينافي كماله .
{ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } في جميع أموري ، بل أعبد الله مخلصا له الدين .
{ قل هذه سبيلي } يعني الدعوة إلى التوحيد والإعداد للمعاد ولذلك فسر السبيل بقوله : { أدعو إلى الله } وقيل هو حال الياء . { على بصيرة } بيان وحجة واضحة غير عمياء . { أنا } تأكيد للمستتر في { أدعو } أو { على بصيرة } لأنه حال منه أو مبتدأ خبره { على بصيرة } . { ومن اتبعني } عطف عليه . { وسبحان الله وما أننا من المشركين } وأنزهه تنزيها من الشركاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.