{ قُلْ هذه سَبِيلِى } أي هذه السبيل التي هي الدعوة إلى الإيمان والوتحيد سبيلي كذا قالوا ، والظاهر أنهم أخذوا الدعوة إلى الإيمان من قوله تعالى : { وَمَا أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [ يوسف : 103 ] لافادة أنه يدعوهم إلى الإيمان بجد وحرص وان لم ينفع فيهم ، والدعوة إلى التوحيد من قوله سبحانه : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ } [ يوسف : 106 ] لدلالته على أن كونه ذكراً لهم لاشتماله على التوحيد لكنهم لا يرفعون له رأساً كسائر آيات الآفاق والانفس الدالة على توحده تعالى ذاتاً وصفات ، وفسر ذلك بقوله تعالى : { ادعوا * إِلَى الله } أي أدعو الناس إلى معرفته سبحانه بصفات كماله ونعوت جلاله ومن جملتها التوحيد فالجملة لا محل لها من الإعراب ، وقيل : إن الجملة في موضع الحال من الياء والعامل فيها معنى الإشارة . وتعقب بأن الحال في مثله من المضاف إليه مخالفة للقواعد ظاهراً وليس ذلك مثل { أَنِ اتبع مِلَّةَ إبراهيم حَنِيفًا } [ النحل : 123 ] واعترض أيضاً بأن فيه تقييد الشيء بنفسه وليس ذاك { على بَصِيرَةٍ } أي بيان وحجة واضحة غير عمياء ، والجار والمجرور في موضع الحال من ضمير { أَدْعُو } وزعم أبو حيان أن الظاهر تعلقه بأدعو وقوله تعالى : { أَنَاْ } تأكيد لذلك الضمير أو للضمير الذي في الحال ، وقوله تعالى : { وَمَنِ اتبعنى } عطف على ذي الحال ، ونسبة { أَدْعُو } إليه من باب التغليب كما قرر في قوله تعالى : { اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة } [ البقرة : 35 ] ومنهم من قدر في مثله فعلا عاملاً في المعطوف ولم يعول عليه المحققون ، ومنع عطفه على { أَنَاْ } لكونه تأكيداً ولا يصح في المعطوف كونه تأكيداً كالمعطوف عليه . واعترض بأن ذلك غير لازم كما يقتضيه كلام المحققين ، وجوز كون { مِنْ } مبتدأ خبره محذوف أي ومن اتبعني كذلك أي داع وأن يكون { على بَصِيرَةٍ } خبراً مقدماً { وَأَنَا } مبتدأ { وَمنْ } عطف عليه ، وقوله تعالى : { وسبحان الله } أي وأنزهه سبحانه وتعالى تنزيهاً من الشركاء ، وهو داخل تحت القول وكذا { وَمَا أَنَاْ مِنَ المشركين } في وقت من الأوقات ، والكلام مؤكد لما سبق من الدعوة إلى الله تعالى . وقرأ عبد الله { قُلْ هذا سَبِيلِى } على التذكير والسبيل تؤنث وقد تذكر .
( ومن باب الإشارة { قُلْ هذه سَبِيلِى أَدْعُو إلى الله على بَصِيرَةٍ } بيان من الله تعالى وعلم لا معارضة للنفس والشيطان فيه { أَنَاْ وَمَنِ اتبعنى } [ يوسف : 108 ] وذكر بعض العارفين أن البصيرة أعلى من النور لأنها لا تصح لأحد وهو رقيق الميل إلى السوي ، وفي الآية إشارة إلى أنه ينبغي للداعي إلى الله تعالى أن يكون عارفاً بطريق الإيصال إليه سبحانه عالماً بما يجب له تعالى وما يجوز وما يمتنع عليه جل شأنه ، والدعاة إلى الله تعالى اليوم من هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم إلى الإرشاد بزعمهم أجهل من حمار الحكيم توما ، وهم لعمري في ضلالة مدلهمة ومهامه يحار فيها الخريت وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ولبئس ما كانوا يصنعون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.