المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

3- نَزَّلَ عليك - يا محمد - القرآن مشتملا على الحق في كل ما تضمنه من أصول الشرائع السماوية في الكتب السابقة ، ولقد أنزل الله من قبله التوراة على موسى والإنجيل على عيسى .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

قوله تعالى : { نزل عليك الكتاب } أي القرآن .

قوله تعالى : { بالحق } . بالصدق .

قوله تعالى : { مصدقاً لما بين يديه } . لما قبله من الكتب في التوحيد ، والنبوة ، والأخبار ، وبعض الشرائع .

3

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

ومن قيامه تعالى بعباده ورحمته بهم أن نزل على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الكتاب ، الذي هو أجل الكتب وأعظمها المشتمل على الحق في إخباره وأوامره ونواهيه ، فما أخبر به صدق ، وما حكم به فهو العدل ، وأنزله بالحق ليقوم الخلق بعبادة ربهم ويتعلموا كتابه { مصدقا لما بين يديه } من الكتب السابقة ، فهو المزكي لها ، فما شهد له فهو المقبول ، وما رده فهو المردود ، وهو المطابق لها في جميع المطالب التي اتفق عليها المرسلون ، وهي شاهدة له بالصدق ، فأهل الكتاب لا يمكنهم التصديق بكتبهم إن لم يؤمنوا به ، فإن كفرهم به ينقض إيمانهم بكتبهم ، ثم قال تعالى { وأنزل التوراة } أي : على موسى { والإنجيل } على عيسى .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

1

وعقب هذا الإيضاح الحاسم في مفرق الطريق ، بإعلان الوحدانية المطلقة لذات الله وصفاته ، يجيء الحديث عن وحدانية الجهة التي تتنزل منها الأديان والكتب والرسالات . أي التي يتنزل منها المنهج الذي يصرف حياة البشر في جميع الأجيال :

( نزل عليك الكتاب بالحق - مصدقا لما بين يديه - وأنزل التوراة والإنجيل من قبل - هدى للناس - وأنزل الفرقان . إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد . والله عزيز ذو انتقام ) .

وتتضمن هذه الآية في شطرها الأول جملة حقائق أساسية في التصور الاعتقادي ، وفي الرد كذلك على أهل الكتاب وغيرهم من المنكرين لرسالة محمد [ ص ] وصحة ما جاء به من عند الله .

فهي تقرر وحدة الجهة التي تتنزل منها الكتب على الرسل . فالله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم ، هو الذي إنزل هذا القرآن - عليك - كما أنه أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى من قبل . وإذن فلا اختلاط ولا امتزاج بين الألوهية والعبودية . إنما هناك إله واحد ينزل الكتب على المختارين من عباده . وهناك عبيد يتلقون . وهم عبيد لله ولو كانوا أنبياء مرسلين .

وهي تقرر وحدة الدين ووحدة الحق الذي تتضمنه الكتب المنزلة من عند الله . فهذا الكتاب نزله - عليك -( بالحق ) . . ( مصدقا لما بين يديه ) . . من التوراة والإنجيل . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

وقوله تعالى { نزلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } يعني : نزل عليك القرآن يا محمد { بِالْحَقِّ } أي : لا شك فيه ولا ريب ، بل هو منزل من عند الله [ عز وجل ]{[4729]} أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ، وكفى بالله{[4730]} شهيدًا .

وقوله : { مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ } أي : من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله الأنبياء ، فهي تصدقه بما أخبرت به وبشرت في قديم الزمان ، وهو يصدقها ؛ لأنه طابق ما أخبرت به وبشرت ، من الوعد من الله بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنزال القرآن العظيم عليه .

وقوله : { وَأَنزلَ التَّوْرَاةَ } أي : على موسى بن عمران [ عليه السلام ]{[4731]} { وَالإنْجِيلَ } أي : على عيسى ابن مريم .


[4729]:زيادة من جـ، ر.
[4730]:في جـ، ر: "به".
[4731]:زيادة من جـ، أ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

{ نزل عليك الكتاب } القرآن نجوما . { بالحق } بالعدل ، أو بالصدق في أخباره ، أو بالحجج المحققة أنه من عند الله وهو في موضع الحال . { مصدقا لما بين يديه } من الكتب . { وأنزل التوراة والإنجيل } جملة على موسى وعيسى . واشتقاقهما من الورى والنجل ، ووزنهما بتفعلة وافعيل تعسف لأنهما أعجميان ، ويؤيد ذلك أنه قرئ { الأنجيل } بفتح الهمزة وهو ليس من أبنية العربية ، وقرأ أبو عمرو وابن ذكوان والكسائي التوراة بالإمالة في جميع القرآن ، ونافع وحمزة بين اللفظين إلا قالون فإنه قرأ بالفتح كقراءة الباقين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

وتنزيل الله الكتاب بواسطة الملك جبريل عليه السلام ، و { الكتاب } في هذا الموضع القرآن باتفاق من المفسرين ، وقرأ جمهور الناس «نزَّل عليك » بشد الزاي «الكتابَ » بنصب الباء ، وقرأ إبراهيم النخعي «نزَل عليك الكتابُ » بتخفيف الزاي ورفع الباء ، وهذه الآية تقتضي أن قوله { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } جملة مستقلة منحازة ، وقوله { بالحق }{[2908]} يحتمل معنيين : إحداهما أن يكون المعنى ضمن الحقائق من خيره وأمره ونهيه ومواعظه ، فالباء على حدها في قوله : جاءني كتاب بخبر كذا وكذا أي ذلك الخبر مقتص فيه ، والثاني : أن يكون المعنى أنه نزل الكتاب باستحقاق أن ينزل لما فيه من المصلحة الشاملة وليس ذلك على أنه واجب على الله تعالى أن يفعله ، فالباء في هذا المعنى على حدها في قوله تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام { سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق }{[2909]} وقال محمد بن جعفر بن الزبير{[2910]} : معنى قوله : { بالحق } أي مما أختلف فيه أهل الكتاب واضطرب فيه هؤلاء النصارى الوافدون ، وهذا داخل في المعنى الأول ، و { مصدقاً } حال مؤكدة وهي رتبة غير منتقلة لأنه لا يمكن أن يكون غير مصدق لما بين يديه من كتب الله{[2911]} فهو كقول ابن دارة{[2912]} : [ البسيط ]

أنا ابْنُ دارةَ معروفاً بها نسبي . . . وَهَلْ بِدَارَة يا للناسِ مِنْ عارِ ؟

وما بين يديه هي التوراة والإنجيل وسائر كتب الله التي تلقيت من شرعنا كالزبور والصحف ، وما بين اليد في هذه الحوادث هو المتقدم من الزمن .

و { التوراة والإنجيل } اسمان أصلهما عبراني لكن النحاة وأهل اللسان حملوها على الاشتقاق العربي فقالوا في التوراة : إنها من ورى الزند{[2913]} يري{[2914]} إذا قدح وظهرت ناره يقال أوريته فوري ، ومنه قوله تعالى : { فالموريات }{[2915]} وقوله : { أفرأيتم النار التي تورون }{[2916]} قال أبو علي ، فأما قولهم : وريت بك زنادي على وزن ، فعلت فزعم أبو عثمان أنه استعمل في هذا الكلام فقط ولم يجاوز به غيره ، وتوراة عند الخليل وسيبويه وسائر البصريين فوعلة كحوقلة وورية قلبت الواو الأولى تاء كما قلبت في تولج وأصله وولج من : ولجت ، وحكى الزجاج عن بعض الكوفيين : أن توراة أصلها تفعلة بفتح العين ، من : وريت بك زنادي ، وإنما ينبغي أن تكون من : أوريت قال فهي تورية ، وقال بعضهم : يصلح أن تكون تفعلة بكسر العين مثل توصية [ ثم ردت إلى تفعلة بفتح العين ، قال الزجاج وكأنه يجيز فى [ توصية ]{[2917]} توصأة وذلك غير مسموع ، وعلى كل قول فالياء لما انفتح ما قبلها وتحركت هي انقلبت ألفاً فقيل توراة ، ورجح أبو علي قول البصريين وضعفه غيره ، وقرأ ابن كثير وابن عامر وعاصم «التورَاة » مفتوحة الراء ، وكان حمزة ونافع يلفظان بالراء بين اللفظين بين الفتح والكسر وكذلك فعلا في قوله { من الأبرار } و { من الأشرار } [ ص : 62 ] و { من قرار }{[2918]} إذا كان الحرف مخفوضاً ، وروى المسيبي{[2919]} عن نافع فتح الراء من التوراة ، وروى ورش عنه كسرها ، وكان أبو عمرو والكسائي يكسران الراء من التوراة ويميلان من { الأبرار } وغيرها أشد من إمالة حمزة ونافع .

وقالوا في الإنجيل : إنه إفعيل من النجل وهو الماء الذي ينز{[2920]} من الأرض ، قال الخليل : استنجلت الأرض وبها انجال إذا خرج منها الماء والنجل أيضاً الولد والنسل قاله الخليل وغيره ، ونجله أبوه أي ولده ، ومن ذلك قول الأعشى{[2921]} : [ المنسرح ]

أنجبُ أيّام والداه به . . . اذ نَجَلاهُ فَنِعمَ مَا نَجَلا

قال ابن سيده عن أبي علي : معنى قوله أيام والداه به كما تقول : أنا بالله وبك ، وقال أبو الفتح : معنى البيت ، أنجب والداه به أيام إذ نجلاه فهو كقولك حينئذ ويومئذ لكنه حال بالفاعل بين المضاف الذي هو أيام وبين المضاف إليه الذي هو إذ . ويروى هذا البيت أنجب أيام والديه ، والنجل الرمي بالشيء وذلك أيضاً من معنى الظهور وفراق شيء شيئاً ، وحكى أبو القاسم الزجاجي{[2922]} في نوادره : أن الوالد يقال له ، نجل وأن اللفظة من الأضداد وأما بيت زهير فالرواية الصحيحة فيه :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وكل فحل له نجل{[2923]}

أي ولد كريم ونسل ، وروى الأصمعي فيما حكى [ عنه ]{[2924]} : وكل فرع له نجل ، وهذا لا يتجه إلى على تسمية الوالد نجلاً . وقال الزجاج : { الإنجيل } مأخوذ من النجل وهو الأصل فهذا ينحو إلى ما حكى أبو القاسم قال أبو الفتح : ف { التوراة } من وري الزناد{[2925]} ، إذا ظهرت ناره ، و { الإنجيل } من نجل إذا ظهر ولده ، أو من ظهور الماء من الأرض فهو مستخرج إما من اللوح المحفوظ ، وإما من التوراة ، و { الفرقان } من الفرق بين الحق والباطل ، فحروفها مختلفة ، والمعنى قريب بعضه من بعض ، إذ كلها معناه ، ظهور الحق ، وبيان الشرع ، وفصله من غيره من الأباطيل ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «الأنجيل » بفتح الهمزة ، وذلك لا يتجه في كلام العرب ، ولكن يحميه مكان الحسن من الفصاحة ، وإنه لا يقرأ إلا بما روى ، وأراه نحا به نحو الأسماء الأعجمية .


[2908]:-في بعض النسخ: يقتضي.
[2909]:- من الآية 116 من سورة المائدة.
[2910]:- من فقهاء أهل المدينة وقرائهم، روى عنه ابن إسحاق وابن جريج وغيرهما، توفي بين 110-120 هـ (تهذيب التهذيب 9: 93).
[2911]:- في بعض النسخ: كتاب.
[2912]:- دارة اسم أمه، قال ابن قتيبة: سميت بذلك لأنها شبهت بدارة القمر لجمالها، واسم أبيه مسافع، شاعر مخضرم هجاء وبسبب الهجاء قتل (انظر الشعر والشعراء: 315 والخزانة 1: 389، 557، والأغاني 21/ 49، والسمط 677، 862، وشرح التبريزي على الحماسة 1/205).
[2913]:- في بعض النسخ: الزناد.
[2914]:- يري: سقطت من بعض النسخ.
[2915]:- من الآية 2 من سورة العاديات.
[2916]:- الآية 71 من سورة الواقعة.
[2917]:- ما بين معقفين سقط في بعض النسخ.
[2918]:- (مع الأبرار) من الآية 193 من سورة آل عمران و(من الأشرار) من الآية 62 من سورة (ص)، و(من قرار) من الآية 26 من سورة إبراهيم.
[2919]:- هو إسحاق بن محمد بن عبد الرحمان المخزومي، روى عن أبي الزناد ومالك ونافع، توفي سنة 206هـ (تهذيب التهذيب 1/249).
[2920]:-ينز من الأرض: يتحلب منها وهذا هو النز- بفتح النون وكسرها-
[2921]:- بيت الأعشى في ديوانه: 135، وانظر اللسان والتاج في مادة (نجل).
[2922]:-اسمه عبد الرحمان بن إسحاق، نسب إلى شيخه إبراهيم الزجاج، وهو مصنف "الجمل" وغيره من المصنفات؛ توفي بطبرية سنة 393هـ (انظر انباه الرواة 2/160 وفي الحاشية ثبت بمصادر ترجمته).
[2923]:- بيت زهير: إلى معشر لم يورث اللؤم جدهم أصاغرهم، وكل فحل له نجل.
[2924]:- عنه: سقطت من بعض النسخ.
[2925]:- في بعض النسخ: الزند.