محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{نَزَّلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَأَنزَلَ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ} (3)

( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل 3 )

( نزل عليك الكتاب ) أي القرآن . عبر عنه باسم الجنس ايذانا بكمال تفوقه على بقية الأفراد في حيازة كمالات الجنس ، كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه اسم الكتاب دون ما عداه ، كما يلوح به التصريح باسمي التوراة والإنجيل ( بالحق ) أي الصدق الذي لا ريب فيه ( مصدقا لما بين يديه ) أي من الكتب المنزلة قبله .

قال المهايمي : أي معرفا صدق الكتب السالفة . وقال أبو مسلم : المراد منه أنه تعالى لم يبعث نبيا قط إلا بالدعاء إلى توحيده والإيمان به ، وتنزيهه عما لا يليق به ، والأمر بالعدل والإحسان ، وبالشرائع التي هي صلاح كل زمان . فالقرآن مصدق لتلك الكتب في كل ذلك . ( وأنزل التوراة والإنجيل ) تعيين لما بين يديه وتبيين لرفعه محله . تأكيدا لما قبله ، وتمهيدا لما بعده . اذ بذلك يترقى شأن ما يصدقه رفعة ونباهة ، ويزداد في القلوب قبولا ومهابة ، ويتفاحش حال من كفر بهما في الشناعة ، واستتباع ما سيذكر من العذاب الشديد والانتقام . قاله أبو السعود :

والتوراة اسم عبراني معناه ( الشريعة ) . والإنجيل لفظة يونانية معناها ( البشرى ) / أي الخبر الحسن . هذا هو الصواب كما نص عليه علماء الكتابين في مصنفاتهم . وقد حاول بعض الأدباء تطبيقهما على أوزان لغة العرب واشتقاقهما منها . وهو خبط . بغير ضبط .