قوله تعالى : { حتى إذا فتحت } قرأ ابن عامر و أبو جعفر و يعقوب : { فتحت } بالتشديد على التكثير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، { يأجوج ومأجوج } يريد فتح السد عن يأجوج ومأجوج { وهم من كل حدب } أي نشز وتل ، والحدب المكان المرتفع { ينسلون } يسرعون النزول من الآكام والتلال كنسلان الذئب ، وهو سرعة مشيه ، واختلفوا في هذه الكناية ، فقال قوم : عنى بهم يأجوج ومأجوج بدليل ما روينا عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون " . وقال قوم : أراد جميع الخلق يعني أنهم يخرجون من قبورهم ، ويدل عليه قراءة مجاهد وهم من كل جدث بالجيم والثاء كما قال : { فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر الجرجاني ، أنا عبد الغافر بن محمد الفارسي ، أنا محمد بن عيسى الجلودي ، أنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، أنا مسلم ابن حجاج ، أنا أبو خيثمة زهير بن حرب ، أنا سفيان بن عيينة ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن حذيفة بن أسيد الغفاري ، قال : " اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة ، فقال : ما تذكرون ؟ قالوا : نذكر الساعة ، قال : إنها لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى ابن مريم ويأجوج ومأجوج ، وثلاثة خسوف : خسف بالمغرب وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " .
{ 96 - 97 } { حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ * وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }
هذا تحذير من الله للناس ، أن يقيموا على الكفر والمعاصي ، وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج ، وهما قبيلتان عظيمتان من بني آدم ، وقد سد عليهم ذو القرنين ، لما شكي إليه إفسادهم في الأرض ، وفي آخر الزمان ، ينفتح السد عنهم ، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف ، الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع ، وهو الحدب ينسلون أي : يسرعون . وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة ، وإسراعهم في الأرض ، إما بذواتهم ، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد ، وتسهل عليهم الصعب ، وأنهم يقهرون الناس ، ويعلون عليهم في الدنيا ، وأنه لا يد لأحد بقتالهم .
ثم يعرض مشهدا من مشاهد القيامة يبدؤه بالعلامة التي تدل على قرب الموعد . وهو فتح يأجوج ومأجوج : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون ، واقترب الوعد الحق ، فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا . يا ويلنا قد كنا في غفلة من هذا ، بل كنا ظالمين . إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون . لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها ، وكل فيها خالدون . لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون . إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ، لا يسمعون حسيسها وهم فيما اشتهت أنفسهم خالدون ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون . يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب ، كما بدأنا أول خلق نعيده ، وعدا علينا إنا كنا فاعلين . .
القول في تأويل قوله تعالى : { حَتّىَ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : حتى إذا فُتح عن يأجوج ومأجوج ، وهما أمّتان من الأمم ردمهما كما :
حدثني عصام بن داود بن الجراح ، قال : ثني أبي ، قال : حدثنا سفيان بن سعيد الثوريّ ، قال : حدثنا منصور بن المعتمر ، عن رِبْعِيّ بن حِرَاش ، قال : سمعت حُذيفة بن اليمان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أوّلُ الاَياتِ : الدّجّالُ ، وَنُزُلُ عِيسَى ، وَنارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنِ أبْيَنَ ، تَسُوق النّاسَ إلى المَحْشَرِ ، تَقِيلُ مَعَهُمْ إذَا قالُوا . والدّخانُ ، والدّابّةُ ، ثُمّ يَأْجُوجُ ومَأْجَوجُ » قال حُذيفة : قلت : يا رسول الله ، وما يأجوج ومأجوج ؟ قال : «يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ أُمَمٌ ، كُلّ أُمّةٍ أرْبَعُ مِئَةِ ألْفٍ ، لا يَمُوتُ الرّجُلُ مِنْهُمْ حتى يَرَى ألْفَ عَيْنٍ تَطْرِفُ بينَ يَدَيْهِ مِنْ صُلْبِهِ ، وَهُمْ وَلَدُ آدَمَ ، فَيَسِيرُونَ إلى خَرَابِ الدّنيْا ، يَكُونُ مُقَدّمَتُهُمْ بالشّامِ وَساقَتُهُمْ بالعِرَاقِ ، فَيَمُرّونَ بأنهَارِ الدّنيا ، فَيَشْرَبُونَ الفُرَاتَ والدّجْلَةَ وبُحَيْرَةَ الطّبَرِيّةِ حتى يَأْتُوا بَيْتَ المَقْدِسِ ، فَيَقُولُونَ قَدْ قَتَلْنا أهْلَ الدّنيْا فَقاتِلُوا مَنْ فِي السّماءِ ، فَيْرمَونَ بالنّشّابِ إلى السّماءِ ، فَترْجِعُ نُشابُهُمْ مُخَضّبَةً بالدّمِ ، فَيَقُولُونَ قَدْ قَتَلْنا مَنْ فِي السّماءِ ، وَعِيسَى والمُسْلِمُونَ بِجَبَلِ طُورِ سِينِينَ ، فَيُوحِي اللّهُ جَلّ جَلالُهُ إلى عِيسَى : أنْ أحْرِزْ عِبادِي بالطّورِ وَما يَلي أيْلَةَ ثُمّ إنّ عِيسَ يَرْفَعُ رأسَهُ إلى السّماءِ ، وَيُؤَمّنُ المُسْلِمونَ فَيَبْعَثُ اللّهُ عَلَيْهِمْ دَابّةً يُقالُ لَهَا النّغَفُ ، تَدْخُلُ مِنْ مَناخِرِهِمْ فَيُصْبِحَونَ مَوْتَى مِنْ حاقِ الشّامِ إلى حاقِ العِرَاقِ ، حتى تَنْتَنَ الأرْضُ مِنْ جِيفِهِمْ ويَأْمُرُ اللّهُ السّماءَ فتُمْطِرُ كأفْوَاهِ القِرَبِ ، فَتَغْسِلُ الأرْض مِنْ جِيَفِهِمْ وَنَتْنِهِمْ ، فَعِنْدَ ذلكَ طُلُوعُ الشّمْسِ مِنْ مَغْرِبها » .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن أبي جعفر ، عن الربيع ، عن أبي العالية ، قال : إن يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الإنس الضّعف ، وإن الجنّ يزيدون على الإنس الضعف ، وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت وهب بن جابر يحدث ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : إن يأجوج ومأجوج يمرّ أولهم بنهر مثل دجلة ، ويمرّ آخرهم فيقول : قد كان في هذا مرّة ماء . لا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا . وقال : مِن بعدهم ثلاثُ أمم لا يعلم عددهم إلا الله : تاويل ، وتاريس ، وناسك أو منسك شكّ شعبة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا يحيى ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن وهب بن جابر الخيواني ، قال : سألت عبد الله بن عمرو ، عن يأجوج ومأجوج ، أمن بني آدم هم ؟ قال : نعم ، ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله : تاريس ، وتاويل ، ومنسك .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا سهل بن حماد أبو عتاب ، قال : حدثنا شعبة ، عن النعمان بن سالم ، قال : سمعت نافع بن جبير بن مطعم يقول : قال عبد الله بن عمرو : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يَلْقَمون ما شاءوا ، ونساء يجامعون ما شاءوا ، وشجر يلقمون ما شاءوا ، ولا يموت رجل إلا ترك من ذرّيته ألفا فصاعدا .
حدثنا محمد بن عمارة ، قال : حدثنا عبد الله بن موسى ، قال : أخبرنا زكريا ، عن عامر ، عن عمرو بن ميمون ، عن عبد الله بن سلام ، قال : ما مات أحد من يأجوج ومأجوج إلا ترك ألف ذرء فصاعدا .
حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي ، قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الأعمش ، عن عطية ، قال : قال أبو سعيد : يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحد إلا قتلوه ، إلا أهل الحصون ، فيمرّون على البحيرة فيشربونها ، فيمرّ المارّ فيقول : كأنه كان ههنا ماء ، قال : فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالاً ، فتقول أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله ، فيدلّون رجلاً لينظر ، ويشترط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه ، فيجدهم قد هلكوا ، قال : فينزل الله ماء من السماء فيقذفهم في البحر ، فتطهر الأرض منهم ، ويغرس الناس بعدهم الشجر والنخل ، وتخرج الأرض ثمرتها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج .
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على بعض يلعبون ، فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا الحكم ، قال : حدثنا عمرو بن قيس ، قال : بلغنا أن ملكا دون الردم يبعث خيلاً كل يوم يحرسون الردم لا يأمن يأجوج ومأجوج أن تخرج عليهم ، قال : فيسمعون جلبة وأمرا شديدا .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، أن عبد الله بن عمرو ، قال : ما يموت الرجل من يأجوج ومأجوج حتى يولد له من صلبه ألف ، وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم عددهم إلا الله : منسك ، وتاويل ، وتاريس .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة ، عن عمرو البِكالي ، قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجنّ عشرة أجزاء فتسعة منهم الكروبيون وهم الملائكة الذي يحملون العرش ، ثم هم أيضا الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون . قال : ومن بقي من الملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته . ثم جزّأ الإنس والجنّ عشرة أجزاء ، فتسعة منهم الجن ، لا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة . ثم جزأ الإنس على عشرة أجزاء ، فتسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائر الإنس جزء .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : حتى إذَا فُتحتْ يَأْجُوج وَمأْجُوجُ قال : أُمّتانِ من وراء ردم ذي القرنين .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن غير واحد ، عن حميد بن هلال ، عن أبي الصيف ، قال : كعب : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل قالوا : نجيء غدا فنخرج ، فيعيدها الله كما كانت ، فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله كما كان ، فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فئوسهم ، فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله . فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه ، فيحفرون ثم يخرجون . فتمرّ الزمرة الأولى بالبحيرة فيشربون ماءها ، ثم تمرّ الزمرة الثانية فيلحسون طينها ، ثم تمرّ الزمرة الثالثة فيقولون : قد كان ههنا مرّة ماء . وتفرّ الناس منهم ، فلا يقوم لهم شيء ، يرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضبة بالدماء ، فيقولون : غلبْنا أهل الأرض وأهل السماء . فيدعو عليهم عيسى ابن مريم ، فيقول : اللهمّ لا طاقة ولا يدين لنا بهم ، فاكفناهم بما شئت فيسلط الله عليهم دودا يقال له النغف فتفرس رقابهم ، ويبعث الله عليهم طيرا فتأخذهم بمناقرها فتلقيهم في البحر ، ويبعث الله عينا يقال لها الحياة تطهر الأرض منهم وتنبتها ، حتى إن الرمانة ليشبع منها السكن . قيل : وما السكن يا كعب ؟ قال : أهل البيت . قال : فبينا الناس كذلك ، إذ أتاهم الصريخ أن ذا السويقتين يريده ، فيبعث عيسى طليعة سبع مئة ، أو بين السبع مئة والثمان مئة ، حتى إذا كانوا بعض الطريق بعث الله ريحا يمانية طيبة ، فيقبض الله فيها روح كلّ مؤمن ، ثم يبقى عَجَاجٌ من الناس يتسافدون كما تتسافد البهائم فمثَل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينتظرها متى تضع . فمن تكلف بعد قولي هذا شيئا أو على هذا شيئا فهو المتلكف .
حدثنا العباس بن الوليد البيروتي ، قال : أخبرني أبي ، قال : سمعت ابن جابر ، قال : ثني محمد بن جابر الطائي ثم الحمصي ، ثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي ، قال : ثني أبي أنه سمع النوّاس بن سمعان الكلابي يقول : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ، وذكر أمره ، وأن عيسى ابن مريم يقتله ، ثم قال : «فَبيْنَا هُوَ كَذَلِكَ ، أَوْحَى الله إليه : يا عِيسَى ، إني قد أخْرَجْتُ عِبَادا لي لا يَد لأحَدٍ بِقتَالِهِمْ ، فَحَرّزْ عِبَادِي إلى الطّورِ فيَبعثَ الله يأجُوجَ ومَأْجُوجَ ، وهم مِنْ كُلّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ ، فَيمُرّ أحَدُهُمْ على بحيرة طَبَريّةَ ، فيَشْرَبُونَ ما فيها ، ثم ينزل آخرهم ، ثم يقول : لقد كان بهذه ماء مَرّة . فيحاصر بنيّ الله عِيسَى وأصحابه ، حتى يكون رَأْسُ الثور يومئذ خَيْرا لأحدهم مِنْ مِئَةِ دينارٍ لأحدكم ، فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابُه إلى الله ، فيُرْسِل الله عليهم النّغَفَ في رِقَابِهِمْ ، فيُصْبِحُونَ فَرْسى مَوْت نَفْسٍ واحِدَةٍ ، فَيهْبِطُ نبيّ الله عيسى وأصْحَابُه ، فلا يَجِدُونَ مَوْضَعا إلا قد ملأه زُهْمُهُمْ ونتنهم ودماؤهم ، فيرغب نبيّ الله عيسى وأصحابه إلى الله ، فيُرْسِل عليهم طيرا كأعْنَاقِ البُخْتِ ، فتَحْمِلُهُم فَتطْرَحُهُمْ حَيْثُ شاء الله ، ثم يُرْسِلُ الله مطرا لا يَكُنّ منه بَيْتُ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ ، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزّلَفة .
وأما قوله : وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به ، فقال بعضهم : عُني بذلك بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فيه من الأرض ، وإنما عُني بذلك الحشرُ إلى موقف الناس يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال : جمع الناس من كلّ مكان جاءوا منه يوم القيامة ، فهو حَدَبٌ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيح : وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ ، قال ابن جُرَيج : قال مجاهد : جمع الناس من كلّ حدب من مكان جاءوا منه يوم القيامة فهو حدب .
وقال آخرون : بل عني بذلك يأجوج ، ومأجوج وقوله : «وهم » وكناية أسمائهم ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، قال : حدثنا أبو الزعراء ، عن عبد الله أنه قال : يخرج يأجوج ومأجوج فيمرحون في الأرض ، فيُفسدون فيها . ثم قرأ عبد الله : وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال : ثم يبعث الله عليهم دابّة مثل النغف ، فتَلِجُ في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم ، فيرسل الله عزّ وجلّ ماء فيطهر الأرض منهم .
والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا : عني بذلك يأجوج ومأجوج ، وأن قوله : وَهُمْ كناية عن أسمائهم ، للخبر الذي :
حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر ، عن قتادة الأنصاري ، ثم الظفري ، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل ، عن أبي سعيد الخدريّ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «يُفْتَحُ يأْجُوجُ ومَأْجُوجَ يَخْرُجُونَ عَلى النّاسِ كمَا قالَ اللّهُ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيُغَشّونَ الأرضَ » .
حدثني أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا هشيم بن بشير ، قال : أخبرنا العوّام بن حوشب ، عن جبلة بن سحيم ، عن مؤثر ، وهو ابن عفازة العبدي ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يُذكر عن عيسى ابن مريم ، قال : «عيسى : عَهِدَ إليّ رَبّي أنّ الدّجّالَ خارِجٌ ، وأنّهُ مُهْبِطِي إلَيْهِ ، فذكر أنّ مَعَهُ قَضِيبَيْنِ ، فإذَا رآني أهْلَكَهُ اللّهُ . قالَ : فَيَذُوبُ كمَا يَذُوبُ الرّصَاصُ ، حتى إنّ الشّجَرَ والحَجَرَ ليَقُولُ : يا مُسْلِمُ هَذَا كافِرٌ فاقْتُلْهُ فَيُهْلِكُهُمْ اللّهُ تَبارَكَ وَتَعالى ، وَيَرْجِعُ النّاسُ إلى بِلادِهِمْ وأوْطانِهِمْ . فَيَسْتَقْبِلُهُمْ يَأْجُوجُ وَمأْجُوجُ مِنْ كُلّ حَدْبٍ يَنْسِلُونَ ، لاَ يأْتُونَ عَلى شَيْءٍ إلاّ أهْلَكُوهُ ، وَلاَ يمُرّونَ على ماءٍ إلاّ شَرِبوهُ » .
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري ، قال : حدثنا المحاربي ، عن أصبغ بن زيد ، عن العوّام بن حوشب ، عن جبلة بن سحيم ، عن موثر بن عفازة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه .
وأما قوله : مِنْ كُلّ حَدَبٍ فإنه يعني من كل شرف ونشَز وأكمة .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا عبد الله ، قال ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ يقول : من كلّ شرف يُقْبِلون .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر عن قتادة : مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال : من كلّ أكمة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال : الحَدَبُ : الشيء المشرف . وقال الشاعر :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . *** عَلى الحِدَابِ تَمُورُ
1حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : حتى إذا فُتْحَتْ يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ قال : هذا مبتدأ يوم القيامة .
وأما قوله : يَنْسِلُونَ فإنه يعني : أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب ، كما قال الشاعر :
عَسَلانَ الذّئْبِ أمْسَى قاربا *** برد اللّيْلُ عَلَيْهِ فَنَسَلْ
{ حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج } متعلق ب { حرام } أو بمحذوف دل الكلام عليه ، أو ب { لا يرجعون } أي يستمر الامتناع أو الهلاك أو عدم الرجوع إلى قيام الساعة وظهور أماراتها : وهو فتح سد يأجوج ومأجوج وهي حتى التي يحكى الكلام بعدها ، والمحكي هي الجملة الشرطية . وقرأ ابن عامر ويعقوب " فتحت " بالتشديد . { وهم } يعني يأجوج ومأجوج أو الناس كلهم . { من كل حدب } نشز من الأرض ، وقرئ جدث وهو القبر { ينسلون } يسرعون من نسلان الذئب وقرئ بضم السين .
تحتمل { حتى } في هذه الآية أن تكون متعلقة بقوله { وتقطعوا } [ الأنبياء : 93 ] وتحتمل على بعض التأويلات المتقدمة أن تعلق ب { يرجعون } [ الأنبياء : 95 ] وتحتمل أن تكون حرف ابتداء وهو الأظهر بسبب { إذا } لأنها تقتضي جواباً وهو المقصود ذكره ، واختلف هنا الجواب ، فقالت فرقة الجواب قوله { اقترب الوعد } والواو زائدة ، وقالت فرقة منها الزجاج وغيره الجواب في قوله { يا ويلنا } التقدير قالوا { يا ويلنا } وليست الواو بزائدة ، والذي أقول إن الجواب في قوله { فإذا هي شاخصة } وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره لأَنه رجوعهم الذي كانوا يكذبون به وحرم عليهم امتناعه ، وقرأ الجمهور «فَتحت » بتخفيف التاء ، وقرأ ابن عامر وحده «فتّحت » بتثقيلها ، وروي أن { يأجوج ومأجوج } يشرفون في كل يوم على الفتح فيقولون غداً نفتح ولا يردون المشيئة إلى الله تعالى فإذا كان غداً وجدوا الردم كأوله حتى إذا أذن الله تعالى في فتحه قال قائلهم غداً نفتحه إن شاء الله فيجدونه كما تركوه قريب الانفتاح فيفتحونه حينئذ ، وقرأ عاصم وحده «يأجوج ومأجوج » بالهمز ، وقرأ الجمهور بالتسهيل ، وقد تقدم في سورة الكهف توجيه ذلك وكثير من حال { يأجوج وماجوج } فغنينا ها هنا من إعادة ذلك . و «الحدب » كل متسنم من الأرض كالجبل والظرب والكدية والقبر ونحوه . وقالت فرقة المراد بقوله ، { وهم } { يأجوج ومأجوج } لأنهم يطلعون من كل ثنية ومرتفع ويعمون الأرض وذلك أنهم من الكثرة بحيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، «يقول الله تعالى يوم القيامة لآدم أخرج بعث النار من ذريتك فيخرج من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين » قال{[8276]} ففزع الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، «إن منكم رجلاً ومن يأجوج ومأجوج ألف رجل »{[8277]} ويروى أن الرجل منهم لا يموت حتى يولد له ألف بين رجل وامرأة وقالت فرقة المراد بقوله { وهم } جميع العالم وإنما هو تعريف بالبعث من القبور وقرأ ابن مسعود «من كل جدث » وهذه القراءة تؤيد هذا التأويل ، و { ينسلون } معناه يسرعون في تطامن{[8278]} ومنه قول الشاعر : [ الرمل ]
عسلان الذئب أمسى قارباً . . . برد الليل عليه فنسل{[8279]}
وقرأت فرقة بكسر السين ، وقرأت بضمها ، وأسند الطبري عن أبي سعيد قال يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون أحداً إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على بحيرة طبرية فيمر آخرهم فيقول كان هنا مرة ما ، قال فيبعث الله عليهم النغف حتى تكسر أعناقهم فيقول أهل الحصون لقد هلك أعداء الله فيدلون رجلاً ينظر فيجدهم قد هلكوا قال فينزل الله تعالى من السماء فيقذف بهم في البحر فيطهر الأرض منهم{[8280]} ، وفي حديث حذيفة نحو هذا وفي آخره قال وعند ذلك طلوع الشمس من مغربها{[8281]} ، وروي أن ابن عباس رأى صبياناً يلعبون وينزوا بعضهم على بعض فقال هكذا خروج يأجوج ومأجوج .
( حتى ) ابتدائيةٌ . والجملة بعدها كلام مستأنف لا محل له من الإعراب ولكن ( حَتّى ) تكسبه ارتباطاً بالكلام الذي قبله . وظاهر كلام الزمخشري : أن معنى الغاية لا يفارق ( حتّى ) حين تكون للابتداء ، ولذلك عُني هو ومن تبعه من المفسرين بتطلب المغيّا بها ههنا فجعلها في « الكشاف » غاية لقوله { وحرَام } فقال : « ( حتّى ) متعلقة ب { حَرام } وهي غاية له لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة » اه . أي : فهو من تعليق الحكم على أمر لا يقع كقوله تعالى : { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } [ الأعراف : 40 ] ، ويتركب على كلامه الوجهان اللذان تقدما في معنى الرجوع من قوله تعالى : { أنهم لا يرجعون } [ الأنبياء : 95 ] ، أي لا يرجعون عن كفرهم حتى ينقضي العالم ، أو انتفاء رجوعهم إلينا في اعتقادهم يزول عند انقضاء الدنيا . فيكون المقصود الإخبار عن دوام كفرهم على كلا الوجهين . وعلى هذا التفسير ففتح ياجوج وماجوج هو فتح السدّ الذي هو حائل بينهم وبين الانتشار في أنحاء الأرض بالفساد ، وهو المذكور في قصة ذي القرنين في سورة الكهف .
وتوقيت وعد الساعة بخروج ياجوج وماجوج أن خروجهم أول علامات اقتراب القيامة .
وقد عدّه المفسرون من الأشراط الصغرى لقيام الساعة .
وفسّر اقتراب الوعد باقتراب القيامة ، وسُمّيت وعداً لأن البعث سمّاه الله وعداً في قوله تعالى : { كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين } [ الأنبياء : 104 ] .
وعلى هذا أيضاً جعلوا ضمير { وهم من كل حدب ينسلون } عائد إلى « ياجوج وماجوج » فالجملة حال من قوله { ياجوج وماجوج } .
وبناء على هذا التفسير تكون هذه الآية وصفتْ انتشار ياجوج وماجوج وصفاً بديعاً قبل خروجهم بخمسة قرون فعددنا هذه الآية من معجزات القرآن العلمية والغيبية . ولعل تخصيص هذا الحادث بالتوقيت دون غيره من علامات قرب الساعة قصد منه مع التوقيت إدماجُ الإنذار للعرب المخاطبين ليكون ذلك نُصب أعينهم تحذيراً لذرياتهم من كوارث ظهور هذين الفريقين فقد كان زوال ملك العرب العتيد وتدهور حضارتهم وقوتهم على أيدي ياجوج وماجوج وهم المَغول والتتار كما بيّن ذلك الإنذارُ النبوي في ساعة من ساعات الوحي . فقد روت زينب بنت جحش أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فَزِعاً يقول : " لا إله إلا الله ، ويلٌ للعرب من شرّ قد اقترب ، فُتح اليوم من رَدْم ياجوج وماجوج هكذا " وحلّق بأصبعه الإبهام والتي تليها .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{حتى إذا فتحت} يعني: أرسلت {يأجوج ومأجوج}... {وهم من كل حدب ينسلون} يقول: من كل مكان يخرجون من كل جبل، وأرض، وبلد، وخروجهم عند اقتراب الساعة، فذلك قوله عز وجل: {واقترب الوعد الحق}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: حتى إذا فُتح عن يأجوج ومأجوج -وهما أمّتان من الأمم- ردمهما...
وأما قوله:"وَهُمْ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ" فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنيّ به؛ فقال بعضهم: عُني بذلك بنو آدم أنهم يخرجون من كل موضع كانوا دفنوا فيه من الأرض، وإنما عُني بذلك الحشرُ إلى موقف الناس يوم القيامة...
وقال آخرون: بل عني بذلك يأجوج، ومأجوج وقوله: «وهم» وكناية أسمائهم... والصواب من القول في ذلك ما قاله الذين قالوا: عني بذلك يأجوج ومأجوج، وأن قوله: "وَهُمْ "كناية عن أسمائهم، للخبر الذي:
حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر، عن قتادة الأنصاري، ثم الظفري، عن محمود بن لبيد أخي بني عبد الأشهل، عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يُفْتَحُ يأْجُوجُ ومَأْجُوجَ يَخْرُجُونَ عَلى النّاسِ كمَا قالَ اللّهُ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ فَيُغَشّونَ الأرضَ»...
وأما قوله: "مِنْ كُلّ حَدَبٍ" فإنه يعني من كل شرف ونشَز وأكمة...
وأما قوله: "يَنْسِلُونَ" فإنه يعني: أنهم يخرجون مشاة مسرعين في مشيهم كنسلان الذئب...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... قيل: {من كل حدب} من كل جهة ومن كل مكان {ينسلون} قيل: يسرعون، وقيل: يخرجون...
أخبر أنهم {من كل حدب} أي من كل ناحية ومن كل جهة يسرعون؛ كأنهم لما سد عليهم ذلك السد، وحيل بينهم وبين ما يتعيشون، ويرتزقون من هذا العالم، تفرقوا في تلك الأمكنة لطلب ما يتعيشون به. فإذا بلغهم خبر فتح السد أتوا من كل جهة وناحية كانوا متفرقين فيها {ينسلون} يسرعون لأنهم كانوا مذ سد عليهم السد متفرقين في كل جهة، فلما فتح خرجوا مسرعين.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
فإن قلت: بم تعلقت {حتى} واقعة غاية له، وأية الثلاث هي؟ قلت: هي متعلقة بحرام، وهي غاية له؛ لأنّ امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة، وهي {حتى} التي يحكى بعدها الكلام، والكلام المحكيّ: الجملة من الشرط والجزاء، أعني: «إذا» وما في حيزها، حذف المضاف إلى {يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ} وهو سدّهما، كما حذف المضاف إلى القرية وهو أهلها. وقيل: فتحت كما قيل: {أهلكناها}.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
تحتمل {حتى} في هذه الآية أن تكون متعلقة بقوله {وتقطعوا} [الأنبياء: 93] وتحتمل على بعض التأويلات المتقدمة أن تعلق ب {يرجعون} [الأنبياء: 95] وتحتمل أن تكون حرف ابتداء وهو الأظهر بسبب {إذا}؛ لأنها تقتضي جواباً وهو المقصود ذكره، واختلف هنا الجواب، فقالت فرقة الجواب قوله {اقترب الوعد} والواو زائدة، وقالت فرقة منها الزجاج وغيره الجواب في قوله {يا ويلنا} التقدير قالوا {يا ويلنا} وليست الواو بزائدة، والذي أقول إن الجواب في قوله {فإذا هي شاخصة} وهذا هو المعنى الذي قصد ذكره لأَنه رجوعهم الذي كانوا يكذبون به وحرم عليهم امتناعه.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
هذا تحذير من الله للناس، أن يقيموا على الكفر والمعاصي، وأنه قد قرب انفتاح يأجوج ومأجوج، وهما قبيلتان عظيمتان من بني آدم، وقد سد عليهم ذو القرنين، لما شكي إليه إفسادهم في الأرض، وفي آخر الزمان، ينفتح السد عنهم، فيخرجون إلى الناس في هذه الحالة والوصف، الذي ذكره الله من كل من مكان مرتفع، وهو الحدب ينسلون أي: يسرعون. وفي هذا دلالة على كثرتهم الباهرة، وإسراعهم في الأرض، إما بذواتهم، وإما بما خلق الله لهم من الأسباب التي تقرب لهم البعيد، وتسهل عليهم الصعب، وأنهم يقهرون الناس، ويعلون عليهم في الدنيا، وأنه لا يد لأحد بقتالهم.