السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتۡ يَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ} (96)

وقوله تعالى : { حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج } متعلق كما قال الزمخشري بحرام وحتى غاية له ؛ لأن امتناع رجوعهم لا يزول حتى تقوم القيامة وهي حتى التي يحكى بعدها الكلام أي : فهي الابتدائية لا الجارّة ولا العاطفة والمحكي هو الجملة الشرطية ، وقرأ ابن عامر بتشديد التاء بعد الفاء والباقون بالتخفيف ويأجوج ومأجوج اسمان أعجميان اسم لقبيلتين من جنس الإنس ويقدر قبله مضاف أي : سدّهما ، وذلك قرب الساعة يقال الناس عشرة أجزاء ؛ تسعة منها يأجوج ومأجوج ، وقرأهما عاصم بهمزة ساكنة والباقون بالألف ، ثم عبّر عن كثرتهم التي لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى بقوله تعالى : { وهم } أي : والحال أنهم { من كل حدب } أي : نشز عال من الأرض { ينسلون } أي : يسرعون من النسلان ، وهو تقارب الخطا مع السرعة كمشي الذئب ، وفي العبارة إيماء إلى أنّ الأرض كرة ، وقيل : الضمير راجع إلى الناس المسوقين إلى المحشر . روي عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : " اطلع النبيّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر الساعة فقال صلى الله عليه وسلم ما تتذاكرون ؟ قلنا : نتذاكر الساعة ، قال : إنها لن تقوم الساعة حتى تروا قبلها عشر آيات ، فذكر الدجال والدخان والدابة وطلوع الشمس من مغربها ، ونزول عيسى بن مريم عليه السلام ، ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوف خسف بالمشرق وخسف بالمغرب ، وخسف بجزيرة العرب ، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم " .