بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتۡ يَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ} (96)

ثم قال تعالى : { حتى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } ، قرأ ابن عامر { فُتِحَتْ } بالتشديد على معنى المبالغة والتكثير ؛ وقرأ الباقون بالتخفيف ؛ وقرأ عاصم { يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ } بالهمز والباقون بغير همز . { وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } ، قال مقاتل : يعني : من كل مكان يخرجون ، من كل جبل أو أرض أو واد ، وخروجهم عند قيام الساعة ؛ وقال عبد الله بن سلام رضي الله عنه : لا يموت واحد منهم إلا ترك من صلبه ألف ذرية فصاعداً . وروى قتادة ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أنه قال : الإنس عشرة أجزاء منهم يأجوج ومأجوج تسعة أجزاء ، وجزء واحد سائر الإنس .

وروى سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي الزبعرى ، عن عبد الله بن مسعود قال : يَخْرُجُ يَأْجُوجُ ومأجوج بعد الدجال ، يموجون في الأرض فيفسدون فيها ، ثم قرأ { وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } ، أي يخرجون فيبعث الله تعالى عليهم دابة مثل هذا النغف ، فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون ، فتنتن الأرض ؛ فيرسل الله تعالى ماء فيطهر منهم ، فذلك قوله عز وجل : { إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } ، يعني : أرسلت كقوله : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءَامَنُواْ واتقوا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بركات مِّنَ السمآء والأرض ولكن كَذَّبُواْ فأخذناهم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ الأعراف : 96 ] ، يعني : أرسلنا { وَهُمْ مّن كُلّ حَدَبٍ } ، أي من كل أكمة ونشرة من الأرض يخرجون ، وقال بعضهم : يكون خروجهم قبل الدجال . والأصح ما روي عن عبد الله بن مسعود .