الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{حَتَّىٰٓ إِذَا فُتِحَتۡ يَأۡجُوجُ وَمَأۡجُوجُ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٖ يَنسِلُونَ} (96)

ثم قال تعالى ذكره : { حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج }[ 95 ] .

أي : فتح سد يأجوج ومأجوج{[46357]} .

روى حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال{[46358]} : " أول الآيات الدجال ونزول عيسى عليه السلام ونار تخرج من قعر عدن أبين{[46359]} تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا والدابة ثم يأجوج ومأجوج أمة . كل أمة مائة ألف أمة لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطرف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون إلى خراب{[46360]} الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام ، وساقتهم بالعراق ، فيمرون{[46361]} بأنهار الدنيا فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتوا بيت المقدس فيقولون : قد قتلنا أهل الدنيا فقاتلوا من في السماء ، فيرمون بالنشاب إلى السماء ، فترجع نشابهم مخضبة بالدم .

فيقولون : قد قتلنا{[46362]} . من في السماء . وعيسى والمسلمون بجبل طور سنين{[46363]} ، فيوحي الله جل وعز إلى عيسى أن أحرز عبادي بالطور وما يلي أيلة . ثم إن عيسى عليه السلام يرفع يده إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة يقال لها النغف{[46364]} تدخل{[46365]} في مناخرهم فيصبحون موتى حتى تنتن الأرض من جيفتهم{[46366]} فيجأر الناس والأرض إلى الله تعالى منهم ، فيأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب ، فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك طلوع الشمس من مغربها " {[46367]} .

قال أبو العالية{[46368]} : إن يأجوج ومأجوج يزيدون على سائر الأنس الضعف . وأن الجن يزيدون على الإنس الضعف ، وأن يأجوج ومأجوج رجلان اسمهما يأجوج ومأجوج .

قال عمر البكالي{[46369]} : إن الله جل وعز جزأ{[46370]} الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء . فتسعة منهم الكروبيون وهم الملائكة الذين يحملون العرش ، ثم هم أيضا الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون قال : ومن بقي من الملائكة لأمر الله ووحيه ورسالته ، ثم جزأ الجن والإنس/ عشرة أجزاء ، فتسعة{[46371]} منهم الجن ، لا يولد من الإنس ولد إلا ولد من الجن تسعة ، ثم جزأ الإنس عشرة أجزاء ، فتسعة منهم يأجوج ومأجوج ، وسائر الناس جزء [ واحد ]{[46372]} .

وقال ابن عباس : يأجوج ومأجوج أمتان ، في كل أربعمائة ألف أمة{[46373]} ، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف من صلبه فصاعدا .

وعنه أنه قال : الأرض سبعة أجزاء ، ستة منها فيها يأجوج ومأجوج وجزء [ واحد ]{[46374]} فيه سائر الخلق{[46375]} .

ومن جعل يأجوج ومأجوج مشتقا ، أجاز همزة ، وهو مشتق من أجنة النار ، وهو حرها . ومنه أجة الحر ، ومنه ملح أجاج . ولم يصرفه لأنه جعله اسما للقبيلة وهو معرفة ، ووزنها : فاعول{[46376]} ومفعول ، ويجوز في قراءة من لم يهمز أن يكونا أعجميين ، وأن يكونا مشتقين . وخففت الهمزة .

وقال الأخفش{[46377]} : ياجوج من يججت ومأجوج من مججت وقوله : { وهم من كل حدب ينسلون }[ 95 ] .

قيل : يعني بني آدم يخرجن من كل موضع دفنوا فيه ، يعني الحشر . قاله مجاهد{[46378]} .

وقال ابن عمر{[46379]} عنى به يأجوج ومأجوج ، يخرجون{[46380]} من كل مكان يفسدون في الأرض . ومعنى : ( من كل حدب ) أي : من كل نشز ، ومن كل شرف وأكمة .

قال ابن زيد{[46381]} : هو مبتدأ يوم القيامة . ( وينسلون ) : يمشون مسرعين كنسلان الذئب . يقال : نسل ينسل وينسل{[46382]} ، إذا أسرع وتقارب خطوة{[46383]} .

قال عطية الحوفي : يأجوج ومأجوج أمتان ، في كل أمة أربع مائة ألف أمة ، لا يشبه بعضهم{[46384]} بعضا ، لا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين من ولده .

وقال عبد الله بن عمرو بن العاص{[46385]} : إن الرجل منهم ليموت فيدع لصلبه من الذرية ألفا فصاعدا ، وإن من ورائهم لثلاث أمم ما يعلم{[46386]} عدتهم إلا{[46387]} الله تعالى مسنك وتأريس وتأويل ، وخروجهم بعد خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام .

قال كعب الأحبار : عرض أسكفة{[46388]} باب يأجوج ومأجوج السفلى أربعة وعشرون ذراعا ، فتفتحها حوافر خيلهم ، والعليا عرضها إثنا عشر ذراعا ، فتفتحها أسنة رماحهم .


[46357]:انظر: الكشف 2/114.
[46358]:انظر: الترمذي (الفتن) بلفظ مختلف ومسند أحمد 4/7.
[46359]:ز: أمر. (تحريف) وعدن: مدينة مشهورة على ساحل بحر الهند من ناحية اليمن ردئه لا ماء بها ولا مرعى. وتضاف إلى أبين وهو مخلاف عدن من جملته. انظر: معجم البلدان 4/89.
[46360]:ز: جوانب. (تحريف).
[46361]:ز: فيمدون. (تحريف).
[46362]:ز: هلكنا. (تحريف).
[46363]:ز: سيناء.
[46364]:ز: النقف.
[46365]:ز: فتدخل.
[46366]:ز: بجيفتهم.
[46367]:انظر: صحيح مسلم (كتاب الفتن) 8/165 وابن ماجة 2/1347. (كتاب الفتن) ومسند أحمد 4/7 وأبي داود 3/312.
[46368]:انظر: جامع البيان 17/88.
[46369]:انظر: جامع البيان 17/89.
[46370]:جزأ سقطت من ز.
[46371]:ز: تسعة.
[46372]:زيادة من ز.
[46373]:أمة سقطت من ز.
[46374]:زيادة من ز.
[46375]:ز: الخلائق.
[46376]:ز: فاعل.
[46377]:انظر: معاني الأخفش 2/399.
[46378]:انظر: جامع البيان 17/90 وتفسير القرطبي 11/341 والدر المنثور 4/336.
[46379]:القول لابن زيد في جامع البيان 17/91.
[46380]:يخرجون سقطت من ز.
[46381]:انظر: جامع البيان 17/91 والدر المنثور 4/336.
[46382]:ينسل سقطن من ز.
[46383]:ز: ويقارب خطوة (تحريف).
[46384]:ز: بعضها.
[46385]:انظر: جامع البيان 17/89.
[46386]:ز: لا يعلم.
[46387]:إلا سقطت من ز.
[46388]:الاسكفه والأسكوفة عتبة الباب التي يوطأ عليها. انظر: اللسان (سكف).