المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

32- وقال الذين كفروا طعناً في القرآن : لِمَ لَمْ ينزل دفعة واحدة ؟ لقد أنزلناه كذلك مفرقاً ليثبت به فؤادك بأُنسك به وحفظك له ، ورتَّلناه : فرقنا آيه ، أو قرأناه على لسان جبريل شيئاً فشيئاً على تؤدة وتمهل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

قوله تعالى : { وكفى بربك هادياً ونصيراً *وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملةً واحدةً } كما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عيسى والزبور على داود . قال الله سبحانه وتعالى : { كذلك } فعلنا { لنثبت به فؤادك } أي : أنزلناه متفرقاً ليقوى به قلبك فتعيه وتحفظه ، فإن الكتب أنزلت على أنبياء يكتبون ويقرؤون ، وأنزل الله القرآن على نبي أمي لا يكتب ولا يقرأ ، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور ، ففرقناه ليكون أوعى لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأيسر على العامل به . { ورتلناه ترتيلاً } قال ابن عباس : بيناه بياناً ، والترتيل : التبيين في ترتل وتثبت . وقال السدي : فصلناه تفصيلاً . وقال مجاهد : بعضه في إثر بعض . وقال النخعي والحسن وقتادة : فرقناه تفريقاً ، آية بعد آية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

{ 32 - 33 } { وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا }

هذا من جملة مقترحات الكفار الذي توحيه إليهم أنفسهم فقالوا : { لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً } أي : كما أنزلت الكتب قبله ، وأي محذور من نزوله على هذا الوجه ؟ بل نزوله على هذا الوجه أكمل وأحسن ، ولهذا قال : { كَذَلِكَ } أنزلناه متفرقا { لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ } لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن ازداد طمأنينة وثباتا وخصوصا عند ورود أسباب القلق فإن نزول القرآن عند حدوث السبب يكون له موقع عظيم وتثبيت كثير أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك ثم تذكره عند حلول سببه .

{ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا } أي : مهلناه ودرجناك فيه تدريجا . وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن وبرسوله محمد صلى الله عليه وسلم حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ومصالحه الدينية .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلۡقُرۡءَانُ جُمۡلَةٗ وَٰحِدَةٗۚ كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِۦ فُؤَادَكَۖ وَرَتَّلۡنَٰهُ تَرۡتِيلٗا} (32)

21

ثم يمضي في استعراض مقولات المجرمين الذين يقفون في وجه دعوة القرآن ، والرد عليها :

( وقال الذين كفروا : لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة . كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) . .

ولقد جاء هذا القرآن ليربي أمة ، وينشئ مجتمعا ، ويقيم نظاما . والتربية تحتاج إلى زمن وإلى تأثر وانفعال بالكلمة ، وإلى حركة تترجم التأثر والانفعال إلى واقع . والنفس البشرية لا تتحول تحولا كاملا شاملا بين يوم وليلة بقراءة كتاب كامل شامل للمنهج الجديد . إنما تتأثر يوما بعد يوم بطرف من هذا المنهج ؛ وتتدرج في مراقيه رويدا رويدا ، وتعتاد على حمل تكاليفه شيئا فشيئا ، فلا تجفل منه كما تجفل لو قدم لها ضخما ثقيلا عسيرا . وهي تنمو في كل يوم بالوجبة المغذية فتصبح في اليوم التالي أكثر استعدادا للانتفاع بالوجبة التالية ، وأشد قابلية لها والتذاذا بها .

ولقد جاء القرآن بمنهاج كامل شامل للحياة كلها . وجاء في الوقت ذاته بمنهاج للتربية يوافق الفطرة البشرية عن علم بها من خالقها . فجاء لذلك منجما وفق الحاجات الحية للجماعة المسلمة ، وهي في طريق نشأتها ونموها ، ووفق استعدادها الذي ينمو يوما بعد يوم في ظل المنهج التربوي الإلهي الدقيق . جاء ليكون منهج تربية ومنهاج حياة لا ليكون كتاب ثقافة يقرأ لمجرد اللذة أو لمجرد المعرفة . جاء لينفذ حرفا حرفا وكلمة كلمة ، وتكليفا تكليفا . جاء لتكون آياته هي " الأوامر اليومية " التي يتلقاها المسلمون في حينها ليعملوا بها فور تلقيها ، كما يتلقى الجندي في ثكنته أو في الميدان " الأمر اليومي " مع التأثر والفهم والرغبة في التنفيذ ؛ ومع الانطباع والتكيف وفق ما يتلقاه . .

من أجل هذا كله نزل القرآن مفصلا . يبين أول ما يبين عن منهجه لقلب الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] ويثبته على طريقه ؛ ويتتابع على مراحل الطريق رتلا بعد رتل ، وجزءا بعد جزء :

( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا ) . .

والترتيل هنا هو التتابع والتوالي وفق حكمة الله وعلمه بحاجات تلك القلوب واستعدادها للتلقي . .

ولقد حقق القرآن بمنهجه ذاك خوارق في تكييف تلك النفوس التي تلقته مرتلا متتابعا ، وتأثرت به يوما يوما ، وانطبعت به أثرا أثرا . فلما غفل المسلمون عن هذا المنهج ، واتخذوا القرآن كتاب متاع للثقافة ، وكتاب تعبد للتلاوة ، فحسب ، لا منهج تربية للانطباع والتكيف ومنهج حياة للعمل والتنفيذ . لم ينتفعوا من القرآن بشيء ، لأنهم خرجوا عن منهجه الذي رسمه العليم الخبير . .