المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النور مدنية ، وآياتها 64 ، بين الله فيها وجوب تطهير المجتمع من الزنا ، وإشاعة الفاحشة بالفعل وبالقول بين المؤمنين ، وشرع لذلك عقوبات رادعة ، كما شرع في زنى الزوج تشريعا خاصا لتوفر الثقة بين الزوجين . واستطرد الحديث في الزنا إلي ذكر الكذب في هذه الواقف ، وما يجب علي المؤمنين إزاء قولة السوء التي يعوزها الدليل ، ويتبع بآداب دخول البيوت ، ومن له حق الإطلاع علي زينة المرأة ، ويردف بعد الحكم بالدعوة العامة إلي العفة المطلقة . ثم يأتي نور الله ، وتذكر المساجد ، وتعرض أعمال الكافرين ، وأحوال المعاندين ، وبجانبهم تظهر أحوال المؤمنين . وبعد ذلك تعرض السورة آداب الأسر ، وأصحاب القرابات والأطفال والكبار في شأن المخالطة ، ومن يحق للمرء أن يأكل علي موائدهم وفي ختامها ذكرت أوصاف المؤمنين إذا دعاهم الرسول لأمر جامع ، وبينت كبير سلطانه تعالي وواسع علمه .

1- هذه سورة أوحينا بها وأوجبنا أحكامها . ونزلنا فيها دلائل واضحة علي قدرة الله ووحدانيته . وعلي أن هذا الكتاب من عند الله ، لتتعظوا بها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النور مدينة وآياتها أربع وستون أو اثنان وستون آية .

قوله تعالى : { سورة } أي : هذه سورة ، { أنزلناها وفرضناها } قرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : ( فرضناها ) بتشديد الراء ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : أوجبنا ما فيها من الأحكام وألزمناكم العمل بها . وقيل : معناه قدرنا ما فيها من الحدود ، والفرض : التقدير : قال الله عز وجل : { فنصف ما فرضتم } أي : قدرتم ، ودليل التخفيف قوله عز وجل : { إن الذي فرض عليك القرآن } وأما التشديد فمعناه : وفصلناه وبيناه . وقيل : هو بمعنى الفرض الذي هو بمعنى الإيجاب أيضاً ، والتشديد للتكثير لكثرة ما فيها من الفرائض ، أي : أوجبناها عليكم وعلى من بعدكم إلى قيام الساعة . { وأنزلنا فيها آيات بينات } واضحات ، { لعلكم تذكرون } تتعظون .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة النور وهي مدنية

{ 1 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }

أي : هذه { سُورَةٌ ْ } عظيمة القدر { أَنْزَلْنَاهَا ْ } رحمة منا بالعباد ، وحفظناها من كل شيطان { وَفَرَضْنَاهَا ْ } أي : قدرنا فيها ما قدرنا ، من الحدود والشهادات وغيرها ، { وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ْ } أي : أحكاما جليلة ، وأوامر وزواجر ، وحكما عظيمة { لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ْ } حين نبين لكم ، ونعلمكم ما لم تكونوا تعلمون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَآ آيَاتٍ بَيّنَاتٍ لّعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ } .

قال أبو جعفر : يعني بقوله تعالى ذكره : سُورَةٌ أنْزَلْناها وهذه السورة أنزلناها . وإنما قلنا معنى ذلك كذلك ، لأن العرب لا تكاد تبتدىء بالنكرات قبل أخبارها إذا لم تكن جوابا ، لأنها توصل كما يوصل «الذي » ، ثم يخبر عنها بخبر سوى الصلة ، فيستقبح الابتداء بها قبل الخبر إذا لم تكن موصولة ، إذ كان يصير خبرها إذا ابتدىء بها كالصلة لها ، ويصير السامع خبرها كالمتوقع خبرها بعد إذ كان الخبر عنها بعدها كالصلة لها . وإذا ابتدىء بالخبر عنها قبلها ، لم يدخل الشك على سامع الكلام في مراد المتكلم . وقد بيّنا فيما مضى قبلُ أن السورة وصف لما ارتفع بشواهده فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الموضع .

وأما قوله : وَفَرَضْناها فإن القرّاء اختلفت في قراءته ، فقرأه بعض قرّاء الحجاز والبصرة : «وَفَرّضْناها » ويتأوّلونه : وفصّلناها ونزّلنا فيها فرائض مختلفة . وكذلك كان مجاهد يقرؤه ويتأوّله .

حدثني أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا ابن مهديّ ، عن عبد الوارث بن سعيد ، عن حميد ، عن مجاهد ، أنه كان يقرؤها : «وَفَرّضْناها » يعني بالتشديد .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : «وَفَرّضْناها » قال : الأمر بالحلال ، والنهى عن الحرام .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .

وقد يحتمل ذلك إذا قرىء بالتشديد وجها غير الذي ذكرنا عن مجاهد ، وهو أن يوجه إلى أن معناه : وفرضناها عليكم وعلى من بعدكم من الناس إلى قيام الساعة . وقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة والشأم : وَفَرَضْناها بتخفيف الراء ، بمعنى : أوجبنا ما فيها من الأحكام عليكم وألزمناكموه وبيّنا ذلك لكم .

والصواب من القول في ذلك : أنهما قراءتان مشهورتان قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب . وذلك أن الله قد فصلها ، وأنزل فيها ضروبا من الأحكام ، وأمر فيها ونهى ، وفرض على عباده فيها فرائض ، ففيها المعنيان كلاهما : التفريض ، والفرض فلذلك قلنا بأية القراءتين قرأ القارىء فمصيب الصواب . ذكر من تأوّل ذلك بمعنى الفَرْض والبيان من أهل التأويل :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : وَفَرَضْناها يقول : بيناها .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : سُورَةٌ أنْزَلْناها وَفَرَضْناها قال : فرضناها لهذا الذي يتلوها مما فرض فيها . وقرأ فيها : آياتٍ بَيّناتٍ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ .

وقوله : وأنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيّناتٍ يقول تعالى ذكره : وأنزلنا في هذه السورة علامات ودلالات على الحقّ بينات ، يعني واضحات لمن تأملها وفكر فيها بعقل أنها من عند الله ، فإنها الحقّ المبين ، وإنها تهدي إلى الصراط المستقيم .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُريج : وأنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيّناتٍ قال : الحلال والحرام والحدود . لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ يقول : لتتذكروا بهذه الاَيات البينات التي أنزلناها .