فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

مدنية

وآياتها أربع وستون

كلماتها : 1316 ؛ حروفها : 5330

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ

{ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { 1 ) }

{ سورة } يوصف بها في اللغة ما ارتفع وأحاط ، وهي في القرآن الكريم : جملة من كلام الله تعالى ، وطائفة من آياته الحكيمة المتلوة .

{ فرضناها } أصل الفرض : القطع والتقدير ، وقد يراد بها هنا : فصلناها ونزلنا فيها فرائض ، وأمرنا فيها بالحلال ، ونهينا عن الحرام ، وألزمناكم ذلك .

{ آيات } علامات على الحق ودلالات على الهدى والرشد .

{ بينات } واضحات ومبينات .

{ لعلكم تذكرون } لتتذكروا بهذه الآيات .

هذه السورة المباركة أنزلناها كما أنزلنا سائر سور القرآن العزيز فتلقوها بالتقديس واستقيموا على شرعتنا ومنهاجنا الذي ارتضيناه لكم ولمن يجيء بعدكم إلى يوم الدين .

مما يقول صاحب تفسير القرآن العظيم في معنى : { سورة أنزلناها } فيه تنبيه على الاعتناء بها ، ولا ينفي ما عداها . اه .

كما أورد الألوسي : { سورة } خبر مبتدأ محذوف ، أي هذه السورة . . وقوله تعالى : { أنزلناها } مع ما عطف عليه صفات لها مؤكدة . . وقوله تعالى : { وفرضناها إما على تقدير مضاف ، أي فرضنا أحكامها ، وإما على اعتبار المجاز في إسناد ما للمدلول للدال لملابسة بينهما تشبه الظرفية . ا ه .

ومما قال أبو جعفر الطبري : يعني بقوله تعالى ذكره : { سورة أنزلناها } : وهذه السورة أنزلناها ، وإنما قلنا معنى ذلك كذلك لأن العرب لا تكاد تبتدئ بالنكرات قبل أخبارها إذ لم تكن جوابا . . . وأما قوله : { وفرضناها } . . عن مجاهد في قوله : { وفرضناها } قال : الأمر بالحلال والنهي عن الحرام ، . . . وقد يحتمل ذلك إذا قرئ بالتشديد وجها غير الذي ذكرنا عن مجاهد ، وهو أن يوجه إلى معناه : وفرضناها عليكم وعلى من بعدكم من الناس إلى قيام الساعة . . { وفرضناها } بتخفيف الراء بمعنى : أوجبنا ما فيها من الأحكام عليكم وألزمناكموه وبينا ذلك لكم . اه .

{ وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون } وأنزلنا في هذه السورة علامات على الحق ، ودلالات على الهدى والرشد موضحات مفسرات مبينات لتتذكروا بها ، وتستقيموا على طريقها ، وربما يكون تكرار الفعل { أنزلنا } لإبراز كمال العناية بشأنها .

مما نقل صاحب روح المعاني : إنه تعالى ذكر في أول السورة أنواعا من الأحكام والحدود ، وفي آخرها دلائل التوحيد ، فقوله تعالى : { فرضناها } إشارة إلى الأحكام المبينة أولا ، وقوله سبحانه { وأنزلنا فيها آيات بينات } إشارة إلى ما في وسطها وآخرها من دلائل التوحيد ، ويؤيده قوله عز وجل { لعلكم تذكرون } فإن الأحكام لم تكن معلومة حتى يتذكرونها . . اه .

ومما قال صاحب جامع البيان : { بينات } يعني واضحات لمن تأملها وفكر فيها بعقل أنها من عند الله ، فإنها الحق المبين ، وإنها تهدي إلى الصراط المستقيم اه .