النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{سُورَةٌ أَنزَلۡنَٰهَا وَفَرَضۡنَٰهَا وَأَنزَلۡنَا فِيهَآ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لَّعَلَّكُمۡ تَذَكَّرُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة النور

مدنية بإجماع

بسم الله الرحمن الرحيم

قوله تعالى : { سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا } أي هذه سورة أنزلناها ويحتمل أن يكون قد خصها بهذا الافتتاح لأمرين :

أحدهما : أن المقصود الزجر والوعيد فافتتحت بالرهبة كسورة التوبة .

الثاني : أن فيها تشريفاً للنبي صلى الله عليه وسلم بطهارة نسائه فافتتحت بذكر الشرف . والسورة اسم للمنزلة الشريفة ولذلك سميت السورة من القرآن سورة قال الشاعر{[2045]} :

ألم تَرَ أنَّ اللَّهَ أعْطَاكَ سُورةً *** ترى كُلَّ مَلْكٍ دُونَها يَتَذَبْذَبُ

{ وَفَرَضْنَاهَا } فيه قراءتان بالتخفيف وبالتشديد .

فمن قرأ بالتخفيف ففي تأويله وجهان :

أحدهما : فرضنا فيها إباحة الحلال وحظر الحرام ، قاله مجاهد .

الثاني : قدرنا فيها الحدود من قوله تعالى :

{ فنصف ما فرضتم }

[ البقرة : 237 ] أي قدرتم ، قاله عكرمة .

ومن قرأ بالتشديد ففي تأويله وجهان :

أحدهما : معناه تكثير ما فرض فيها من الحلال والحرام ، قاله ابن عيسى .

الثاني : معناه بيّناها ، قاله ابن عباس .

{ وَأَنزَلْنَا فِيها آيات بَيِّناتٍ } فيه وجهان :

أحدهما : أنها الحجج الدالة على توحيده ووجوب طاعته .

الثاني : أنها الحدود والأحكام التي شرعها .


[2045]:هو النابغة الذبياني قال ذلك من قصيدة يعتذر فيها للنعمان بن المنذر.