المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

69- ومن يطع الله والرسول بالتسليم لأمرهما والرضا بحكمهما ، فهو مع الذين أنعم الله عليهم بالهداية والتوفيق في الدنيا والآخرة من أنبيائه وأتباعهم الذين صدقوهم واتبعوا مناهجهم والشهداء في سبيل الله ، والصالحين الذين صلحت سريرتهم وعلانيتهم ، وما أحسن هؤلاء من رفقاء لا يشقى جليسهم ، ولا يُمَلُّ حَدِيثُهُم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

قوله تعالى : { ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } . الآية نزلت في ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ، يعرف الحزن في وجهه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما غير لونك ؟ فقال : يا رسول الله ما بي مرض ولا وجع ، غير أني إن لم أرك استوحشت وحشة شديدة حتى لقاك ، ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك لأنك ترفع مع النبيين ، وإني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة لا أراك أبداً ، فنزلت هذه الآية . وقال قتادة : قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : كيف يكون الحال في الجنة وأنت في الدرجات العلا ؟ ونحن أسفل منك ؟ وكيف نراك ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية . ( ومن يطع الله ) في أداء الفرائض ، { والرسول } في السنن { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين } أي لا تفوتهم رؤية الأنبياء ومجالستهم ، لأنهم يرفعون إلى درجة الأنبياء .

قوله تعالى : { والصديقين } . وهم أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، والصديق المبالغ في الصدق .

قوله تعالى : { والشهداء } قيل : هم الذين استشهدوا في يوم أحد ، وقيل : الذين استشهدوا في سبيل الله ، وقال عكرمة : ( النبيون ) هاهنا : محمد صلى الله عليه وسلم ، والصديق : أبو بكر ، ( والشهداء ) عمر ، وعثمان ، وعلي ، رضي الله عنهم

قوله تعالى : { والصالحين } . سائر الصحابة رضي الله عنهم .

قوله تعالى : { وحسن أولئك رفيقاً } يعني : رفقاء في الجنة ، والعرب تضع الواحد موضع الجمع ، كقوله تعالى : { ثم نخرجكم طفلاً } [ غافر :67 ] أي : أطفالاً { ويولون الدبر } أي : الأدبار .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي ، أنا أبو العباس السراج ، أنا قتيبة بن سعيد ، أنا حمد بن زيد ، عن ثابت ، عن أنس أن رجلاً قال : يا رسول الله الرجل يحب قوماً ولما يلحق بهم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( المرء مع من أحب } .

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، وأبو عمرو محمد بن عبد الرحمن النسوي قالا : " أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، أنا أبو العباس الأصم ، أنا أبو يحيى زكريا بن يحيى المروزي ، أنا سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رجل : يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : وما أعددت لها ؟ قال : لا شيء ؟ إلا أني أحب الله ورسوله . قال : فأنت مع من أحببت " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

{ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا }

أي : كل مَنْ أطاع الله ورسوله على حسب حاله وقدر الواجب عليه من ذكر وأنثى وصغير وكبير ، { فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي : النعمة العظيمة التي تقتضي الكمال والفلاح والسعادة { مِنَ النَّبِيِّينَ } الذين فضلهم الله بوحيه ، واختصهم بتفضيلهم بإرسالهم إلى الخلق ، ودعوتهم إلى الله تعالى { وَالصِّدِّيقِينَ } وهم : الذين كمل تصديقهم بما جاءت به الرسل ، فعلموا الحق وصدقوه بيقينهم ، وبالقيام به قولا وعملا وحالا ودعوة إلى الله ، { وَالشُّهَدَاءِ } الذين قاتلوا في سبيل الله لإعلاء كلمة الله فقتلوا ، { وَالصَّالِحِينَ } الذين صلح ظاهرهم وباطنهم فصلحت أعمالهم ، فكل من أطاع الله تعالى كان مع هؤلاء في صحبتهم { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } بالاجتماع بهم في جنات النعيم والأُنْس بقربهم في جوار رب العالمين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

ثم بين - سبحانه بعد ذلك الثواب العظيم الذى أعده للطائعين من عباده فقال : { وَمَن يُطِعِ . . . عَلِيماً } .

وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ( 69 ) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ( 70 )

روى المفسرون فى سبب نزول هاتين الآيتين روايات منها ما أخرجه ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : " جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محزون . فقال له النبى صلى الله عليه وسلم : يا فلان مالى أراك محزونا ؟ فقال الرجل : يا نبى الله شئ فكرت فيه . فقال ما هو ؟ قال : نحن نغدو عليك ونروح ننظر إلى وجهك ونجالسك . وغدا ترفع مع النبين فلا نصل إليك . فلم يرد النبى صلى الله عليه وسلم شيئا . فأتاه جبريل بهذه الآية . { وَمَن يُطِعِ الله والرسول } " . الخ .

قال : فبعث إليه النبى صلى الله عليه وسلم فبشره .

والمعنى : { وَمَن يُطِعِ الله } بالانقياد لأمره ونهيه ، ويطع { والرسول } فى كل ما جاء به من ربه " فأولئك " المطيعون { مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم } بالنعم التى تقصر العبارات عن تفصيلها وبيانها .

وقوله : { مِّنَ النبيين والصديقين والشهدآء والصالحين } بيان للمنعم عليهم الذين سيكون المطيع فى صحبتهم ورفقتهم .

أى : فأولئك المتصفون بتمام الطاعة لله - تعالى - ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، يكونون يوم القيامة فى صحبة الأنبياء الذين أرسلهم مبشرين ومنذرين ؛ فبلغوا رسالته ونالوا منه - سبحانه - أشرف المنازل .

وبدأ - سبحانه - بالنبيين لعلو درجاتهم ، وسمو منزلتهم على من عداهم من البشر .

وقوله { والصديقين } جمع صديق وهم الذين صدقوا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم تصديقا لا يخالجه شك ، ولا تحوم حوله ريبة ، وصدقوا فى دفاعهم عن عقيدتهم تمسكهم بها ، وسارعوا إلى ما يرضى الله بدون تردد أو تباطؤ .

وقوله { والشهدآء } جمع شهيد . وهم الذين استشهدوا فى سبيل الله ، ومن أجل إعلاء دينه وشريعته .

وقوله { والصالحين } جمع صالح . وهم الذين صلحت نفوسهم ، واستقامت قلوبهم وأدوا ما يجب عليهم نحو خالقهم ونحو أنفسهم ونحو غيرهم .

هؤلاء هم الأخيار الأطهار الذين يكون المطيعون لله ولرسوله فى رفقتهم وصحبتهم . قال الفخر الرازى : " وليس المراد بكون من أطاع الله وأطاع الرسول مع النببين والصديقين . . كون الكل فى درجة واحدة ، لأن هذا يقتضى التسوية فى الدرجة بين الفاضل والمفضول . وأنه لا يجوز . بل المراد كونهم فى الجنة بحيث يتمكن كل واحد منهم من رؤية الآخر ، وإن بعد المكان ، لأن الحجاب إذا زال شاهد بعضهم بعضا : وإذا أرادوا الزيارة والتلاقى قدروا عليه . فهذا هو المراد من هذه المعية .

ثم قال : وقد دلت الآية على أنه لا مرتبة بعد النبوة فى الفضل والعلم إلا هذا الوصف . وهو كون الإِنسان صديقا ولذا أينما ذكر فى القرآن الصديق والنبى لم يجعل بينهما واسطة كما قال - تعالى - فى صفة إدريس

{ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً } وقوله - تعالى { وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً } تذييل مقرر لما قبله مؤكد للترغيب فى العمل الصالح الذى يوصل المسلم إلى صحبة هؤلاء الكرام .

وقوله { وَحَسُنَ } فعل مراد به المدح ملحق بنعم . ومضمن معنى التعجب من حسنهم .

واسم الإِشارة { أولئك } يعود إلى كل صنف من هذه الأصناف الأربعة وهم النبيون ومن بعدهم .

والرفيق : هو المصاحب الذى يلازمك فى عمل أو سفر أو غيرهما . وسمى رفيقا لأنك ترافقه ويرافقك ويستعين كل واحد منكما بصاحبه فى قضاء شئونه . وهو مشتق من الرفق بمعنى لين الجانب ، ولطف المعاشرة .

ولم يجمع ، لأن صيغة فعيل يستوى فيها الواحد وغيره .

والمعنى وحسن كلو احد من أولئك الأخيار - وهم الأنبياء ومن بعدهم - رفيقا ومصاحبا فى الجنة لأن رفقة كل واحد منهم تشرح الصدور ، وتبهج النفوس .

والمخصوص بالمدح محذوف أى : كل واحد من المذكورين رفيقا أو وحسن المذكورون أو الممدحون رفيقا ، لأن حسن لها حكم نعم .

وقوله { أولئك } فاعل حسن . ورفيقا تمييز .

قال صاحب الكشاف وقوله { وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً } فيه معنى التعجب كأنه قيل : وما أحسن أولئك رفيقا . ولاستقلاله بمعنى التعجب قرئ وحسن بسكون السين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

58

وفي نهاية هذه الجولة ، ونهاية هذا الدرس ، يعود السياق إلى الترغيب ؛ واستجاشة القلوب ؛ والتلويح للأرواح بالمتاع الحبيب . . متاع الصحبة في الآخرة للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين .

( ومن يطع الله والرسول ، فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين . وحسن أولئك رفيقا ! ذلك الفضل من الله ، وكفى بالله عليمًا ) . .

إنها اللمسة التي تستجيش مشاعر كل قلب ، فيه ذرة من خير ؛ وفيه بذرة من صلاح وفيه أثارة من التطلع إلى مقام كريم في صحبة كريمة ، في جوار الله الكريم . . وهذه الصحبة لهذا الرهط العلوي . . إنما هي من فضل الله . فما يبلغ إنسان بعمله وحده وطاعته وحدها أن ينالها . . إنما هو الفضل الواسع الغامر الفائض العميم .

ويحسن هنا أن نعيش لحظات مع صحابة رسول الله [ ص ] وهم يتشوقون إلى صحبته في الآخرة ؛ وفيهم من يبلغ به الوجد ألا يمسك نفسه عند تصور فراقه . . وهو [ ص ] بين ظهرانيهم . فتنزل هذه الآية : فتندي هذا الوجد ؛ وتبل هذه اللهفة . . الوجد النبيل . واللهفة الشفيفة :

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب السقمي ، عن جعفر بن أبى المغيرة ، عن سعيد بن جبير . قال : جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله [ ص ] وهو محزون . فقال له النبى [ ص ] : " يا فلان . ما لي أراك محزونا ؟ " فقال : يا نبي الله . شيء فكرت فيه . فقال : " ما هو ؟ " قال : نحن نغدو عليك ونروح . ننظر إلى وجهك ، ونجالسك . وغدا ترفع مع النبيين ، فلا نصل إليك . . فلم يرد عليه النبي [ ص ] شيئًا . فأتاه جبريل بهذه الآية : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ) . . الآية ، فبعث النبي [ ص ] فبشره .

وقد رواه أبو بكر بن مردويه مرفوعا - بإسناده - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " جاء رجل إلى النبي [ ص ] فقال : يا رسول الله . إنك أحب إلي من نفسي ، وأحب إلى من أهلي ، وأحب إلي من ولدي . وإني لأكون في البيت ، فأذكرك ، فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك . وإذا ذكرت موتيوموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين ، وإن دخلت الجنة خشيت ألا أراك . فلم يرد عليه النبي [ ص ] حتى نزلت : ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) . .

وفي صحيح مسلم من حديث عقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن كثير ، عن أبى سلمة بن عبد الرحمن ، عن ربيعة بن كعب الأسلمي ، أنه قال : كنت أبيت عند رسول الله [ ص ] فأتيته بوضوئه وحاجته . فقال لي : " سل " . فقلت يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة . فقال : " أو غير ذلك " . قلت : هو ذاك . قال : " فأعني على نفسك بكثرة السجود " .

وفي صحيح البخاري من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة أن رسول الله [ ص ] سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ، فقال : " المرء مع من أحب " . . قال أنس : فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث . .

لقد كان الأمر يشغل قلوبهم وأرواحهم . . أمر الصحبة في الآخرة . . وقد ذاقوا طعم الصحبة في الدنيا ! وإنه لأمر يشغل كل قلب ذاق محبة هذا الرسول الكريم . . وفي الحديث الأخير أمل وطمأنينة ونور . . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

ثم قال تعالى : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا } أي : من عمل بما أمره الله ورسوله ، وترك ما نهاه الله عنه ورسوله ، فإن الله عز وجل يسكنه دار كرامته ، ويجعله مرافقًا للأنبياء ثم لمن بعدهم في الرتبة ، وهم الصديقون ، ثم الشهداء ، ثم عموم المؤمنين وهم الصالحون الذين صلحت سرائرهم وعلانيتهم .

ثم أثنى عليهم تعالى فقال : { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }

وقال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله بن حَوْشَب ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن عُرْوَة ، عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما من نبي يَمْرَضُ إلا خُيِّر بين الدنيا والآخرة " وكان في شكواه التي قبض فيه ، فأخذته بُحَّة شديدة فسمعته يقول : { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ } فعلمت أنه خُيِّر .

وكذا رواه مسلم من حديث شعبة ، عن سعد{[7860]} بن إبراهيم به{[7861]} .

وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر : " اللهم في الرفيق الأعلى " ثلاثا ثم قضى ، عليه أفضل الصلاة والتسليم{[7862]} .

ذكر سبب نزول هذه الآية الكريمة :

قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القُمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جُبير قال : جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محزون ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا فلان ، ما لي أراك محزونًا ؟ " قال : يا نبي الله{[7863]} شيء فكرت فيه ؟ قال : " ما هو ؟ " قال : نحن نغدو عليك ونروح ، ننظر إلى وجهك ونجالسك ، وغدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك . فلم يرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه شيئا ، فأتاه جبريل بهذه الآية : { وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ [ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ]{[7864]} } فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فبشره .

قد روي هذا الأثر مرسلا عن مسروق ، وعكرمة ، وعامر الشَّعْبي ، وقتادة ، وعن الربيع بن أنس ، وهو من أحسنها{[7865]} سندًا . {[7866]}

قال ابن جرير : حدثنا المثنى ، حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ [ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ ]{[7867]} } الآية ، قال : إن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : قد علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدقه ، وكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا ؟ فأنزل الله في ذلك - يعني هذه الآية - فقال : يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الأعْلَيْنَ ينحدرون إلى من هو أسفل منهم ، فيجتمعون في رياضها ، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه ، وينزل لهم أهل الدرجات فيسعون عليهم بما يشتهُون وما يدعون به ، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون{[7868]} فيه " {[7869]} .

وقد روي مرفوعا من وجه آخر ، فقال أبو بكر بن مردويه : حدثنا عبد الرحيم بن محمد بن مسلم ، حدثنا إسماعيل بن أحمد بن أسيد ، حدثنا عبد الله بن عمران ، حدثنا فضيل بن عياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إنك لأحب إلي من نفسي وأحب إلي من أهلي ، وأحب إلي من ولدي ، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك ، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين ، وإن دخلت الجنة خشيت ألا أراك . فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت عليه : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }

وهكذا رواه الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه : " صفة الجنة " ، من طريق الطبراني ، عن أحمد بن عمرو بن مسلم الخلال ، عن عبد الله بن عمران العابدي ، به . ثم قال : لا أرى بإسناده بأسا{[7870]} والله أعلم .

وقال ابن مردويه أيضًا : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا العباس بن الفضل الأسفاطي ، حدثنا أبو بكر بن ثابت بن عباس المصري{[7871]} حدثنا خالد بن عبد الله ، عن عطاء بن السائب ، عن عامر الشعبي ، عن ابن عباس ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني لأحبك حتى إني لأذكرك في المنزل فيشق ذلك علي{[7872]} وأحب أن أكون معك في الدرجة . فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ، فأنزل الله عز وجل [ { وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وِالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا }{[7873]} ]{[7874]} .

وقد رواه ابن جرير ، عن ابن حُمَيْد ، عن جرير ، عن عطاء ، عن الشعبي ، مرسلا . وثبت في صحيح مسلم من حديث هقل بن زياد ، عن الأوزاعي ، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن ربيعة بن كعب الأسلمي أنه قال : كنت أبيت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته ، فقال لي : " سَلْ " . فقلت : يا رسول الله ، أسألك مرافقتك في الجنة . فقال : " أو غَيْرَ ذلك ؟ " قلت : هو ذاك . قال : " فَأَعِنِّي على نفسك بكثرة السجود " {[7875]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، أخبرنا ابن لهيعة ، عن عبيد الله بن أبي جعفر ، عن عيسى بن طلحة ، عن عمرو بن مُرَّةَ الجُهَنِيّ قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس وأديت زكاة مالي وصمت شهر رمضان . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه " تفرد به أحمد{[7876]} .

قال الإمام أحمد أيضا : حدثنا أبو سعيد مولى أبي هاشم ، حدثنا ابن لهيعة ، عن زَبَّان{[7877]} بن فائد ، عن سهل بن معاذ بن أنس ، عن أبيه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من قرأ ألف آية في سبيل الله كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا ، إن شاء الله " {[7878]} .

وروى الترمذي من طريق سفيان الثوري ، عن أبي حمزة ، عن الحسن البصري ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " .

ثم قال : هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وأبو حمزة اسمه عبد الله بن جابر شيخ بصري{[7879]} .

وأعظم من هذا كله بشارة ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما ، من طرق متواترة عن جماعة من الصحابة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ؟ فقال : " المرء مع من أحب " قال أنس : فما فرح المسلمون فرحهم بهذا الحديث{[7880]} .

وفي رواية{[7881]} عن أنس أنه قال : إني أحب{[7882]} رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحب أبا بكر وعمر ، رضي الله عنهما{[7883]} وأرجو أن الله يبعثني الله معهم وإن لم أعمل كعملهم{[7884]} .

وقال الإمام مالك بن أنس ، عن صفوان بن سليم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم ، كما تتراءون{[7885]} الكوكب الدري الغابر من{[7886]} الأفق من المشرق أو المغرب لِتَفَاضُلِ ما بينهم " . قالوا : يا رسول الله ، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " .

أخرجاه في الصحيحين من حديث مالك{[7887]} ولفظه لمسلم .

وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا فزارة ، أخبرني فُلَيْح ، عن هلال - يعني ابن علي - عن عطاء ، عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أهل الجنة ليتراءون في الجنة كما تراءون - أو تَرون - الكوكب الدري الغارب في الأفق والطالع في تفاضل الدرجات " . قالوا : يا رسول الله ، أولئك النبيون ؟ قال : " بلى ، والذي نفسي بيده ، وأقوام آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " .

قال الحافظ الضياء المقدسي : هذا الحديث على شرط البخاري{[7888]} والله أعلم .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير : حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا محمد بن عمار الموصلي ، حدثنا عُفَيْف بن سالم ، عن أيوب بن عُتْبة{[7889]} عن عطاء ، عن ابن عمر قال : أتى رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سَلْ واسْتَفْهِمْ " . فقال : يا رسول الله ، فُضِّلتُم علينا بالصور والألوان والنبوة ، أفرأيت إن آمنتُ بما آمنتَ به ، وعملتُ مثلَ ما عملتَ به ، إني لكائن معك في الجنة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، والذي نفسي بيده إنه ليضيء بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام " قال : ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قال : لا إله إلا الله ، كان له بها عهد عند الله ، ومن قال : سبحان الله وبحمده ، كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة " فقال رجل : كيف نهلك بعدها يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضع على جبل لأثقله ، فتقوم النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يتطاول الله برحمته " ونزلت هذه الآيات{[7890]} { هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا } إلى قوله : { نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } [ الإنسان : 1 - 20 ] فقال الحبشي : وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " نعم " . فاستبكى حتى فاضت نفسه ، قال ابن عمر : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيديه .

فيه غرابة ونكارة ، وسنده ضعيف{[7891]} .

ولهذا قال تعالى : { ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ }


[7860]:في أ: "سعيد".
[7861]:صحيح البخاري برقم (4435) وصحيح مسلم برقم (2444).
[7862]:رواه البخاري برقم (4436) من حديث عائشة رضي الله عنها.
[7863]:في ر: "يا رسول الله".
[7864]:زيادة من ر، أ، وفي هـ: "الآية".
[7865]:في ر: "شيئا"، وفي أ: "سياق".
[7866]:تفسير الطبري (8/534، 535).
[7867]:زيادة من أ.
[7868]:في د: "يتمتعون".
[7869]:تفسير الطبري (8/535) وهذا مرسل، وانظر المقدمة في النسخ التفسيرية، ففيها الكلام على نسخة أبي جعفر الرازي.
[7870]:ورواه الطبراني في الأوسط برقم (3308) "مجمع البحرين" ومن طريق أبو نعيم في الحلية (8/125) من طريق أحمد بن عمرو الخلال عن عبد الله بن عمران عن فضيل عن منصور به.وقال الطبراني: "غريب من حديث فضيل ومنصور تفرد به العابدي".قال الهيثمي في المجمع (7/7): "رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران وهو ثقة".
[7871]:في د، ر: "ابن عياش البصري".
[7872]:في د: "علي ذلك".
[7873]:زيادة من ر، وفي هـ: "هذه الآية"
[7874]:سليمان بن أحمد هو الطبراني، ورواه في المعجم الكبير (12/86)، قال الهيثمي في المجمع (7/7): "فيه عطاء بن السائب وقد اختلط".
[7875]:صحيح مسلم برقم (489).
[7876]:ليس في المسند.
[7877]:في و: "زياد".
[7878]:المسند (4/437) وفيه: "حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة فذكره". وقال الهيثمي (2/269): "فيه ابن لهيعة عن زبان وفيه كلام".
[7879]:سنن الترمذي برقم (1209).
[7880]:رواه البخاري في صحيحه برقم (6167) ورواه مسلم في صحيحه برقم (2639).
[7881]:في د: "وفي لفظ".
[7882]:في أ: "لأحب".
[7883]:في ر: "عنهم".
[7884]:صحيح مسلم برقم (2639).
[7885]:في أ: "يتراءون".
[7886]:في أ: "في".
[7887]:صحيح البخاري برقم (3256) وصحيح مسلم برقم (2831).
[7888]:المسند (2/339).
[7889]:في النسخ: "أيوب عن عتبة" وهو تحريف.
[7890]:في ر، أ: "السورة".
[7891]:المعجم الكبير (12/436)، ووجه ضعفه أن فيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

ثم ذكر جلّ ثناؤه ما وعد أهل طاعته وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام من الكرامة الدائمة لديه والمنازل الرفيعة عنده . فقال : وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ فَأُولَئكَ مَعَ الّذِينَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ والشّهَداءِ وَالصّالِحينَ } . . . الاَية .

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ فَأُوْلََئِكَ مَعَ الّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مّنَ النّبِيّينَ وَالصّدّيقِينَ وَالشّهَدَآءِ وَالصّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولََئِكَ رَفِيقاً * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللّهِ وَكَفَىَ بِاللّهِ عَلِيماً } . .

يعني بذلك جلّ ثناؤه : ومن يطع الله والرسول بالتسليم لأمرهما ، وإخلاص الرضا بحكمهما ، والانتهاء إلى أمرهما ، والانزجار عما نهيا عنه من معصية الله ، فهو مع الذين أنعم الله عليهم بهدايته والتوفيق لطاعته في الدنيا من أنبيائه وفي الاَخرة إذا دخل الجنة . { والصّدّيقِينَ } وهم جمع صدّيق .

واختلف في معنى الصدّيقين ، فقال بعضهم : الصدّيقون : تُبّاعُ الأنبياء الذين صدّقوهم واتبعوا منهاجهم بعدهم حتى لحقوا بهم . فكأن «الصدّيق فعيل » على مذهب قائلي هذه المقالة من الصدق ، كما يقال رجل سكّير من السكر ، إذا كان مدمنا على ذلك ، وشِرّيب وخِمّير .

وقال آخرون : بل هو فعيل من الصدقة . وقد رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو تأويل من قال ذلك¹ وهو ما :

حدثنا به سفيان بن وكيع ، قال : حدثنا خالد بن مخلد ، عن موسى بن يعقوب ، قال : أخبرتني عمتي قريبة بنت عبد الله بن وهب بن زمعة ، عن أمها كريمة بنت المقداد ، عن ضباعة بنت الزبير ، وكانت تحت المقداد عن المقداد ، قال : قلت للنبيّ صلى الله عليه وسلم : شيء سمعته منكْ شككت فيه ! قال : «إذَا شَكّ أَحَدُكُمْ فِي الأمْرِ فَلْيَسأَلْني عنه ! » قال : قلت قولك في أزواجك : إني لأرجو لهنّ من بعدي الصدّيقين ؟ قال : «مَنْ تَعْنُونَ الصّدّيقين ؟ » قلت : أولادنا الذين يهلكون صغارا . قال : «لا ، وَلِكنِ الصّدّيقين هُمُ المُصَدّقُونَ » .

وهذا خبر لو كان إسناده صحيحا لم نستجز أن نعدوه إلى غيره ، ولو كان في إسناده بعض ما فيه . فإذ كان ذلك كذلك ، فالذي هو أولى بالصدّيق أن يكون معناه المصدّق قوله بفعله ، إذ كان الفعيل في كلام العرب إنما يأتي إذا كان مأخوذا من الفعل بمعنى المبالغة ، إما في المدح وإما في الذمّ ، ومنه قوله جلّ ثناؤه في صفة مريم : { وأمّهُ صِدّيقَةٌ } . وإذا كان معنى ذلك ما وصفنا ، كان داخلاً من كان موصوفا بما قلنا في صفة المتصدّقين والمصدّقين¹ { والشّهَدَاءِ } وهم جمع شهيد : وهو المقتول في سبيل الله ، سمي بذلك لقيامه بشهادة الحقّ في جنب الله حتى قتل . { والصّالِحِينَ } وهم جمع صالح : وهو كلّ من صلحت سريرته وعلانتيه .

وأما قوله جلّ ثناؤه : { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقا } فإنه يعني : وحسن هؤلاء الذين نعتهم ووصفهم رفقاء في الجنة . والرفيق في لفظ الواحد بمعنى الجميع ، كما قال الشاعر :

نَصَبْنَ الهَوَى ثُمّ ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا ***بأسْهُمِ أعْدَاءٍ وَهُن صَدِيقُ

بمعنى : وهنّ صدائق . وأما نصيب «الرفيق » فإن أهل العربية مختلفون فيه ، فكان بعض نحويي البصرة يرى أنه منصوب على الحال ، ويقول : هو كقول الرجل : كرم زيد رجلاً ، ويعدل به عن معنى : نعم الرجل ، ويقول : إنّ نعم لا تقع إلى على اسم فيه ألف ولام أو على نكرة . وكان بعض نحويي الكوفة يرى أنه منصوب على التفسير وينكر أن يكون حالاً ، ويستشهد على ذلك بأن العرب تقول : كرم زيد من رجل ، وحسن أولئك من رفقاء¹ وأن دخول «مِن » دلالة على أن الرفيق مفسره . قال : وقد حكي عن العرب : نعمتم رجالاً ، فدلّ على أن ذلك نظير قوله : وحَسنُتم رفقاء . وهذا القول أولى بالصواب للعلة التي ذكرنا لقائليه . وقد ذكر أن هذه الاَية نزلت لأن قوما حزنوا على فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرا أن لا يروه في الاَخرة . ذكر الرواية بذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قال : جاء رجل من الأنصار إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وهو محزون ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وسلم : «يا فُلانُ مالي أرَاكَ مَحْزُونا » ؟ قال : يا نبيّ الله شيء فكرت فيه . فقال : «ما هُوَ ؟ » قال : نحن نغدو عليك ونروح ، ننظر في وجهك ونجالسك ، غدا ترفع مع النبيين فلا تصل إليك ! فلم يردّ النبيّ صلى الله عليه وسلم شيئا . فأتاه جبريل عليه السلام بهذه الاَية : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الّذِينَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النّبِيّينَ وَالصّديقِينَ وَالشّهَدَاءِ وَالصّالِحينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقا قال : فبعث إليه النبيّ صلى الله عليه وسلم فبشّره .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، قال : قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك لو قد متّ رُفعت فوقنا فلم نرك ! فأنزل الله : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ } . . . الاَية .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : { وَمَنْ يُطِعِ اللّه وَالرّسُلَ فَأُولَئِكَ مَعَ الّذِينَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النّبِيّينَ } ذكر لنا أن رجالاً قالوا : هذا نبيّ الله نراه في الدنيا ، فأما في الاَخرة فيرفع فلا نراه ! فأنزل الله : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ } . . . إلى قوله : { رَفِيقا } .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن مفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الّذِينَ أنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِمْ } . . . الاَية ، قال : قال ناس من الأنصار : يا رسول الله ، إذا أدخلك الله الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك ، فكيف نصنع ؟ فأنزل الله : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ وَالرّسُولَ } .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن الربيع ، قوله : { وَمَنْ يُطِعِ اللّهَ والرّسُولَ } . . . الاَية ، قال : إن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قالوا : قد علمنا أن النبيّ صلى الله عليه وسلم له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن اتبعه وصدّقه ، فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا ؟ فأنزل الله في ذلك فقال : إن الأعلين ينحدرون إلى من هم أسفل فيجتمعون في رياضها ، فيذكرون ما أنعم الله عليهم ، ويُثْنون عليه ، وينزل لهم أهل الدرجات ، فيسعون عليهم بما يشتهون وما يدّعون به ، فهم في روضة يحبرون ويتنعمون فيه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

{ ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم } مزيد ترغيب في الطاعة بالوعد عليها مرافقة أكرم الخلائق وأعظمهم قدرا . { من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } بيان للذين أو حال منه ، أو من ضميره قسمهم أربعة بحسب منازلهم في العلم والعمل ، وحث كافة الناس على أن لا يتأخروا عنهم ، وهم : الأنبياء الفائزون بكمال العلم والعمل المتجاوزون حد الكمال إلى درجة التكميل . ثم الصديقون الذين صعدت نفوسهم تارة بمراقي النظر في الحجج والآيات وأخرى بمعارج التصفية والرياضات إلى أوج العرفان ، حتى اطلعوا على الأشياء وأخبروا عنها على ما هي عليها . ثم الشهداء الذين أدى بهم الحرص على الطاعة والجد في إظهار الحق حتى بذلوا مهجهم في إعلاء كلمة الله تعالى . ثم الصالحون الذين صرفوا أعمارهم في طاعته وأموالهم في مرضاته . ولك أن تقول المنعم عليهم هم العارفون بالله وهؤلاء إما أن يكونوا بالغين درجة العيان أو واقفين في مقام الاستدلال والبرهان . والأولون إما أن ينالوا مع العيان القرب بحيث يكونون كمن يرى الشيء قريبا وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أولا فيكونون كمن يرى الشيء بعيدا وهم الصديقون ، والآخرون إما أن يكون عرفانهم بالبراهين القاطعة وهم العلماء الراسخون في العلم الذين هم شهداء الله في أرضه ، وإما أن يكون بأمارات وإقناعات تطمئن إليها نفوسهم وهم الصالحون . { وحسن أولئك رفيقا } في معنى التعجب ، و{ رفيقا } في معنى التعجب ، و{ رفيقا على التمييز أو الحال ولم يجمع لأنه يقال للواحد والجمع كالصديق ، أو لأنه أريد وحسن كل واحد منهم رفيقا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

لما ذكر الله الأمر الذي لو فعلوه لأنعم عليهم ، ذكر بعد ذلك ثواب من يفعله ، وهذه الآية تفسير قوله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم }{[4140]} وقالت طائفة إنما نزلت هذه الآية لما قال عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري الذي أري الأذان ، يا رسول الله إذا مت ومتنا كنت في عليين فلا نراك ولا نجتمع بك ، وذكر حزنه على ذلك ، فنزلت هذه الآية ، وحكى مكي عن عبد الله هذا ، أنه لما مات النبي عليه السلام ، قال : اللهم أعمني حتى لا أرى شيئاً بعده ، فعمي ، وذكر أن جماعة من الأنصار قالت ذلك أو نحوه ، حكاه الطبري عن ابن جبير وقتادة والسدي .

قال القاضي أبو محمد : ومعنى - أنهم معهم - أنهم في دار واحدة ، ومتنعم واحد ، وكل من فيها قد رزق الرضا بحاله ، وذهب عنه أن يعتقد أنه مفضول ، وإن كنا نحن قد علمنا من الشريعة أن أهل الجنة تختلف مراتبهم على قدر أعمالهم ، وعلى قدر فضل الله على من شاء ، و «الصدّيق » فعيل من الصدق ، وقيل من الصدقة ، وروي عن النبي عليه السلام : ( الصديقون المتصدقون ){[4141]} ، والشهداء المقتولون في سبيل الله ، هم المخصوصون بفضل الميتة{[4142]} ، وهم الذي فرق الشرع حكمهم في ترك الغسل والصلاة ، لأنهم أكرم من أن يشفع لهم ، وسمعوا بذلك لأن الله شهد لهم بالجنة ، وقيل لأنهم شهدوا لله بالحق في موتهم ابتغاء مرضاته ، ولكن لفظ ، { الشهداء } في هذه الآية يعم أنواع الشهداء ، و { رفيقاً } موحد في معنى الجمع ، كما قال : { ثم يخرجكم طفلاً }{[4143]} ونصبه على التمييز ، وقيل على الحال ، والأول أصوب ، وقرأ أبو السمال ، «وحسْن » بسكون السين ، وذلك مثل شجر بينهم .


[4140]:- أخرج الطبراني، وابن مردويه، وأبو نعيم في الحلية، والضياء المقدسي في صفة الجنة، وحسّنه- عن عائشة قالت: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إلي من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يزد عليه النبي صلى الله عليه وسلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم}. الآية (الدر المنثور)- وقال ابن كثير بعد أن رواه: "وهكذا رواه الحافظ أبو عبد الله المقدسي في كتابه في صفة الجنة من طريق الطبراني عن عبد الله بن عمران العابدي، ثم قال: لا أرى بإسناده بأسا" والله أعلم.
[4141]:- أخرج ابن جرير عن المقداد، قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: قلت في أزواجك: إني لأرجو لهن من بعدي الصديقين، قال: (من تعنون الصديقين)؟ قلت: أولادنا الذين هلكوا صغارا، قال: (لا، ولكن الصديقين هم المصدقون). (الدر المنثور).
[4142]:- أي: الذين خصوا بأفضل أنواع الميتات- وفي بعض النسخ من الأصول زيادة لفظ الجلالة: (الله) بين كلمتي (فضل) و(الميتة). وآثرنا حذفها حتى يستقيم المعنى، ولعلها من أغلاط الناسخ.
[4143]:- من الآية (67) من سورة (المؤمن)- و[رفيقا] جاء مفردا إما لما قاله ابن عطية، وإما لأنه مثل الخليط والصديق يكون للمفرد والمثنى والجمع، وفضّل في "البحر المحيط" الرأي الأول لكونه فاصلة.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

تذييل لجملة : { وإذن لآتيناهم من لدنّا أجراً عظيماً } [ النساء : 67 ] وإنّما عطفت باعتبار إلحاقها بجملة : { ومن يطع الله والرسول } على جملة { ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به } [ النساء : 66 ] . وجيء باسم الإشارة في جملة جواب الشرط للتنبيه على جدارتهم بمضمون الخبر عن اسم الإشارة لأجل مضمون الكلام الذي قبل اسم الإشارة . والمعيّة معيّة المنزلة في الجنة وإن وإن كانت الدرجات متفاوتة .

ومعنى { من يطع } من يتّصف بتمام معنى الطاعة ، أي أن لا يعصي الله ورسوله . ودلّت ( مع ) على أنّ مكانة مدخولها أرسخ وأعرف ، وفي الحديث الصحيح " أنت مع من أحببت " . والصديّقون هم الذين صدَّقوا الأنبياء ابتداء ، مثل الحواريين والسابقين الأوّلين من المؤمنين . وأمّا الشهداء فهم من قُتلوا في سبيل إعلاء كلمة الله . والصالحون الذين لزمتهم الاستقامة .

و ( حَسُنَ ) فعل مراد به المدح ملحق بنعم ومضمّن معنى التعجّب من حسنهم ، وذلك شأن فَعُل بضم العين من الثلاثي أن يدلَّ على مدح أو ذمّ بحسب مادّته مع التعجّب . وأصل الفعل حَسَنَ بفتحتين فحوّل إلى فعُل بضمّ العين لقصد المدح والتعجّب . و { أولئك } فاعل { حسن } . و { رفيقا } تمييز ، أي ما أحسنهم حسنوا من جنس الرفقاء . والرفيق يستوي فيه الواحد والجمع ، وفي حديث الوفاة « الرفيقَ الأعلى » .