الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

الصديقون : أفاضل صحابة الأنبياء الذين تقدموا في تصديقهم كأبي بكر الصديق رضي الله عنه وصدقوا في أقوالهم وأفعالهم . وهذا ترغيب للمؤمنين في الطاعة ، حيث وعدوا مرافقة أقرب عباد الله إلى الله وأرفعهم درجات عنده { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً } فيه معنى التعجب كأنه قيل : وماأحسن أولئك رفيقاً لاستقلاله بمعنى التعجب . قرىء : «وحسْن » ، بسكون السين . يقول المتعجب : حسن الوجه وجهك ! وحسن الوجه وجهك ، بالفتح والضم مع التسكين . والرفيق : كالصديق والخليط في استواء الواحد والجمع فيه ، ويجوز أن يكون مفرداً ، بين به الجنس في باب التمييز . وروي : أنّ ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان شديد الحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قليل الصبر عنه ، فأتاه يوماً وقد تغير وجهه ونحل جسمه وعرف الحزن في وجهه فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حاله ، فقال : يا رسول الله ، ما بي من وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، فذكرت الآخرة ، فخفت أن لا أراك هناك ، لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين وإن أدخلت الجنة كنت في منزل دون منزلك ، وإن لم أدخل فذاك حين لا أراك أبداً ، فنزلت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين " .