بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

قوله تعالى :

{ وَمَن يُطِعِ الله والرسول } قال في رواية الكلبي : نزلت الآية في شأن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان شديد الحب له ، وكان قليل الصبر عنه حتى تغير لونه ونحل جسمه ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مَا غَيَّرَ لَوْنَكَ " ؟ فقال : ما بي من مرض ، ولكني إذا لم أرك استوحشت وحشة عظيمة حتى ألقاك ، وأذكر الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك . فنزل قوله تعالى { وَمَن يُطِعِ الله والرسول } { فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مّنَ النبيين } في الجنة . وقال في رواية الضحاك : وذلك أن نفراً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا نبيَّ الله ، وإن صرنا إلى الجنة فإنك تفضلنا في الدرجات ، كما أنك تفضلنا بدرجات النبوة ، فلا نراك . فنزل { فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم } الآية .

حدّثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدّثنا أبو العباس ، قال : حدّثنا قتيبة ، قال : حدّثنا جهضم ، عن عطاء بن السائب ، عن الشعبي أن رجلاً من الأنصار أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله لأنت أحبُّ إليَّ من نفسي وولدي وأهلي ، فلولا أني آتيك فأراك لا ريب أي لا شك أني سوف أموت . قال : وبكى الأنصاري . فقال : «مَا أَبْكَاكَ ؟ » قال : ذكرت أنك تموت ونموت وترفع مع النبيين ، ونكون نحن وإن دخلنا الجنة دونك ، فلم يجبه بشيء ، فأنزل الله تعالى { وَمَن يُطِعِ الله والرسول فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم } { مّنَ النبيين والصديقين والشهداء والصالحين } أي من المسلمين . ثم قال : { وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقاً } في الجنة ، أي رفقاء كقوله تعالى : { يا أيها الناس إِن كُنتُمْ في رَيْبٍ مِّنَ البعث فَإِنَّا خلقناكم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ في الأرحام مَا نشاء إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لتبلغوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُمْ مَّن يتوفى وَمِنكُمْ مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأرض هَامِدَةً فإذا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الماء اهتزت وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [ الحج : 5 ] أي أطفالاً ، وكقوله { وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أجسامهم وَإِن يَقُولُواْ تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العدو فاحذرهم قَاتَلَهُمُ الله أَنَّى يُؤْفَكُونَ } [ المنافقون : 4 ] أي الأعداء .