الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ مَعَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ وَٱلصِّدِّيقِينَ وَٱلشُّهَدَآءِ وَٱلصَّـٰلِحِينَۚ وَحَسُنَ أُوْلَـٰٓئِكَ رَفِيقٗا} (69)

قوله ( جَلَّت عَظَمَتُهُ ) : { وَمَن يُطِعِ الله والرسول فأولئك مَعَ الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم . . . } [ النساء :69 ] .

لما ذَكَر اللَّه سبحانه الأمر الذي لَوْ فَعَلُوه ، لأَنعم علَيْهم ، ذَكَر بعد ذلك ثَوَابَ مَنْ يفعله ، وهذه الآيةُ تفسِّر قوله تعالى : { اهدنا الصراط المستقيم صِرَاطَ الذين أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ }[ الفاتحة :6و7 ] وقالتْ طائفة : إنما نزلَتْ هذه الآية لَمَّا قال عبدُ اللَّهِ بْنُ زيدٍ الأنصاريُّ الذي أُرِيَ الأَذَانَ : يا رَسُولَ اللَّهِ ، إذا مِتَّ ، وَمِتْنَا ، كُنْتَ في عِلِّيِّينَ ، فَلاَ نَرَاكَ ، ولا نَجْتَمِعُ بِكَ ، وذكَر حُزْنَهُ على ذلك ، فنزلَتْ هذه الآية .

قال ( ع ) : ومعنى أنهم مَعَهُمْ : في دارٍ واحدةٍ ، ومُتَنَعَّمٍ واحدٍ ، وكلُّ مَنْ فيها قَدْ رُزِقَ الرِّضَا بحالِهِ ، وذهب عنه أنْ يعتقد أنه مفضُولٌ ، وإن كنا نَحْنُ قد عَلِمْنَا من الشريعةِ أنَّ أهل الجَنَّة تختلفُ مراتبهم على قَدْر أعمالهم ، وعلى قَدْر فَضْل اللَّه على مَنْ يشاء ، والصِّدِّيقُ : فِعِّيلٌ مِنَ الصِّدْقِ ، وقيل : من الصَّدَقَةِ ، وروي عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم : الصِّدِّيقُونَ : المُتَصَدِّقُونَ ، ولفظ الشهداءِ في هذه الآية : يَعُمُّ أنواعَ الشهداءِ .

قال ( ص ) : { وَحَسُنَ أولئك رَفِيقاً }[ النساء :69 ] فيه معنى التعجُّب ، كأنَّه قال : وَمَا أَحْسَنَ أولئِكَ رفيقاً ، وقد قدَّمنا في كلام ابْنِ الحَاجِّ ما يدلُّ على أنَّ التعجُّب لازمٌ لفَعُلَ المستعْمَلِ للمدحِ والذمِّ ، على كلِّ حالٍ ، سواءٌ استعملت استعمال نعْمَ أو لا ، انتهى .