المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

60- وكثير من الدواب التي تعيش معكم في الأرض لا تستطيع - لضعفها - أن تحمل رزقها وتنقله ، لتأكله أو تدخره . الله يهيئ لها أسباب رزقها وحياتها ، ويهيئ لكم أسباب رزقكم وحياتكم . وهو المحيط بكل ما خلق سمعاً وعلماً .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

قوله تعالى : { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمؤمنين الذين كانوا بمكة وقد آذاهم المشركون : هاجروا إلى المدينة فقالوا : كيف نخرج إلى المدينة وليس لنا بها دار ولا مال ، فمن يطعمنا بها ويسقينا ؟ فأنزل الله : { وكأين من دابة } ذات حاجة إلى غذاء ، { لا تحمل رزقها } أي : لا ترفع رزقها معها ولا تدخر شيئاً لغد مثل البهائم والطير ، { الله يرزقها وإياكم } حيث كنتم ، { وهو السميع العليم } السميع لأقوالكم : لا نجد ما ننفق بالمدينة ، العليم بما في قلوبكم . وقال سفيان عن علي بن الأقمر : وكأين من دابة لا تحمل رزقها ، قال : لا تدخر شيئاً لغد . قال سفيان : ليس شيء من خلق الله يخبئ إلا الإنسان والفأرة والنملة .

أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني أبو عبد الله الحسين بن محمد الثقفي ، أنا عبد الله بن عبد الرحمن الدقاق ، أنبأنا محمد بن عبد العزيز ، أنا إسماعيل بن زرارة الرقي ، أنبأنا أبو العطوف الجراح بن منهال ، عن الزهري ، عن عطاء بن أبي رياح ، عن ابن عمر قال : " دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حائطاً من حوائط الأنصار ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقط الرطب بيده ويأكل ، فقال : كل يا ابن عمر ، قلت : لا أشتهيه يا رسول الله ، قال : لكني أشتهيه ، وهذه صبح رابعة منذ لم أطعم طعاماً ولم أجده ، فقلت إنا لله ، الله المستعان ، قال : يا بن عمر لو سألت ربي لأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر أضعافاً مضاعفة ، ولكن أجوع يوماً وأشبع يوماً فكيف بك يا ابن عمر إذا عمرت وبقيت في حثالة من الناس يخبئون رزق سنة ويضعف اليقين ، فنزلت : { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أبو محمد الحسين بن أحمد المخلدي ، أنبأنا أبو العباس السراج ، أنبأنا قتيبة بن سعيد ، أنبأنا جعفر بن سليمان ، عن ثابت ، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم : " كان لا يدخر شيئاً لغد " . وروينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتروح بطاناً " .

أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك المظفري ، أنبأنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن الفضل الفقيه ، أنبأنا أبو نصر بن حمدونة المطوعي ، أنبأنا أبو الموجه محمد بن عروة ، أنبأنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن إسماعيل هو ابن أبي خالد ، عن رجلين أحدهما زبيد اليامي ، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أيها الناس ليس من شيء يقربكم إلى الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وليس شيء يقربكم إلى النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه ، وإن الروح الأمين قد نفث في روعي أنه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تطلبوه بمعاصي الله ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته " وقال هشيم عن إسماعيل عن زبيد عمن أخبره عن ابن مسعود .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَكَأَيّن مّن دَآبّةٍ لاّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيّاكُمْ وَهُوَ السّمِيعُ الْعَلِيمُ } .

يقول تعالى ذكره للمؤمنين به ، وبرسوله من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم : هاجروا وجاهدوا في الله أيها المؤمنون أعداءه ، ولا تخافوا عيلة ولا إقتارا ، فكم من دابة ذات حاجة إلى غذاء ومطعم ومشرب لا تحمل رزقها ، يعني غذاءها لا تحمله ، فترفعه في يومها لغدها لعجزها عن ذلك اللّهُ يَرْزُقُها وَإيّاكُمْ يوما بيوم وَهُوَ السّمِيعُ لأقوالكم : نخشى بفراقنا أوطاننا العَيْلة العَلِيمُ ما في أنفسكم ، وما إليه صائر أمركم ، وأمر عدوّكم من إذلال الله إياهم ، ونُصْرتكم عليهم ، وغير ذلك من أموركم ، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه . وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وكأيّنْ مِنْ دابّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها قال : الطيرُ والبهائم لا تحمل الرزق .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت عِمران ، عن أبي مُجَلّز في هذه الاَية وكأيّنْ مِنْ دابّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها ، اللّهُ يَرْزُقُها وَإيّاكُمْ قال : من الدوابّ ما لا يستطيع أن يدّخر لغد ، يُوَفّق لرزقه كلّ يوم حتى يموت .

حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن سفيان ، عن علي بن الأقمر وكأيّنْ مِنْ دابّة لا تَحْمِلُ رِزْقَها قال : لا تدّخر شيئا لغد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

{ وكأين من دابة لا تحمل رزقها } لا تطيق حمله لضعفها أو لا تدخره ، وإنما تصبح ولا معيشة عندها . { الله يرزقها وإياكم } ثم إنها مع ضعفها وتوكلها وإياكم مع قوتكم واجتهادكم سواء في انه لا يرزقها وإياكم إلا الله ، لأن رزق الكل بأسباب هو المسبب لها وحده فلا تخافوا على معاشكم بالهجرة ، فإنهم لما أمروا بالهجرة قال بعضهم كيف نقدم بلدة ليس لنا فيها معيشة فنزلت . { وهو السميع } لقولكم هذا . { العليم } بضميركم .