مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من مكة بالهجرة خافوا الفقر والضيعة فنزلت { وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ } أي وكم من دابة { وكائن } بالمد والهمز : مكي والدابة كل نفس دبت على وجه الأرض عقلت أم لم تعقل { لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حمله { الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } أي لا يرزق تلك الدّواب الضعاف إلا الله ، ولا يرزقكم أيضاً أيها الأقوياء إلا هو ، وإن كنتم مطيقين لحمل أرزاقكم وكسبها لأنه لو لم يقدركم ولم يقدر لكم أسباب الكسب لكنتم أعجز من الدواب التي لا تحمل . وعن الحسن : لا تحمل رزقها لا تدخره إنما تصبح فيرزقها الله . وقيل : لا يدخر شيء من الحيوان قوتاً إلا ابن آدم والفأرة والنملة { وَهُوَ السميع } لقولكم نخشى الفقر والعيلة { العليم } بما في ضمائركم .