الآية 60 وقوله تعالى : { وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم } من الناس من يجعل الآية صلة قوله : { يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة } إنهم أمروا بالهجرة من بلدتهم والخروج من مقامهم ليسلم لهم دينهم ، فاشتد ذلك عليهم ، وضاق بذلك ذرعهم لضيق العيش هنالك لما لم يتهيأ لهم ، ولا يتأتى لهم حمل أموالهم والمكاسب التي يتعيشون في بلدهم ، ويكسبون بها .
فأخبر أن له خلائق رزقهم حيثما توجهوا وحيثما كانوا ، لا يحملون معهم من الرزق بل يرزقهم حيثما كانوا . فعلى ذلك هو يرزقكم حيثما كنتم ، حملتم مع أنفسكم شيئا من الأموال والمكاسب أم( {[15845]} ) لم تحملوا . فلا تضيقن صدوركم بترككم الأموال والمكاسب في بلدكم .
وجائز أن يكون لا على الصلة بما تقدم ، ولكن على ابتداء تذكير وتنبيه للبشر لئلا يعلّقوا قلوبهم بأسباب الرزق [ لأن للبشر فضل تعلق القلوب بأسباب المعاش والرزق ، والرزق ليس يتعلق بأسباب ، بل يرزق الله بسبب ]( {[15846]} ) وبغير سبب ؛ إذ قد يرزق ، ويبسط من ليس له من الأسباب شيء نحو ما ذكر من رزق الطير والدواب وغير ذلك من البشر الذين يرزقون بلا أسباب ومكاسب .
ولذلك ذكر ، والله أعلم ، على إثر ذلك : { الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له } [ العنكبوت : 62 ] يبسط لمن يشاء ، وإن لم يكن له سبب ، ويقدر على من يشاء ، وإن كان معه سبب لئلا يعلّقوا قلوبهم في الرزق بالأسباب والمكاسب .
وعلى قول المعتزلة : إن الله لا يقدر أن يبسط الرزق لمن يشاء لأنهم لا يجعلون لله في الأسباب والمكاسب صنعا ، وإنما يجعلون منه خلق أصول الأشياء من الإنبات والإخراج من الأرض . فأما غير ذلك فهو كله للخلق على قولهم . فذلك النبات الخارج منها للكل ، ليس بعضهم بذلك أولى من بعض ، فتذهب فائدة ما ذكر من البسط والتوسيع والتقتير على قولهم .
وقوله تعالى : { وهو السميع العليم } على إثر ما ذكر على [ وجهين :
أحدهما ] ( {[15847]} ) : { السميع } المجيب لكل ما يدعون ، ويسألون { العليم } بحوائجهم حيث كانوا .
[ والثاني ]( {[15848]} ) : { السميع } لقولهم : إننا لا نجد ما ننفق ، ونتعيّش { العليم } بما أضمروا ، ونحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.