غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

42

وقال المفسرون : لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اسلم بمكة بالهجرة خافوا الفقر والضيعة فكان الرجل منهم يقول : كيف أقدم بلدة ليست لي فيها معيشة فنزلت : { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } عن الحسن أي لا تدخره وقال غيره : لا تطيق حمل الرزق { الله يرزقها } بإيجاد غذائها وهدايتها إليه . ثم بتشبث ذلك الغذاء بالمغتذي بتوسط قوى أودعها فيها وهيأها لذلك . { وإياكم } بمثل ما قلنا وبزيادة الاهتداء إلى وجوه المكاسب والمعايش وترتيب الملبس والمسكن وتهيئة الأقوات وادخار الأموال وتملكها اختياراً وقهراً ، ومنه يعلم أن الاشتغال بترتيب بعض الوسائط وتدبيرها لا ينافي التوكل فقد يكون الزارع الحاصد متوكلاً والراكع الساجد غير متوكل . عن ابن عيينة : ليس شيء يخبأ إلا الإِنسان والنملة والفأرة وللعقعق مخابئ إلا أنه ينساها . وحكي أن البلبل يحتكر في حضنيه أي يجمع . وإذا كان أكثر الحيوان على صورة المتوكلين فالإنسان العاقل العارف بالمبدأ والمعاد ، العالم بوجوه المكاسب الذي يأتيه الرزق من جهات الإرث والعمارة والهدية ونحوها ، كيف يظاهر على الحطام الزائل أشد حرص ؟ ! { وهو السميع } لدعاء طلبة الرزق { العليم } بطوياتهم ومقادير حاجاتهم .

/خ69