إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

{ وَكَأَيّن مّن دَابَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا } رُوي أنَّ النبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ لمَّا أمرَ المُؤمنينَ الذين كانُوا بمكَّةَ بالمهاجرةِ إلى المدينةِ قالُوا : كيفَ نقدُم بلدةً ليس لنا فيها معيشةٌ فنزلتْ أي وكم من دابةٍ لا تطيقُ حملَ رزقِها لضعفِها أو لا تدخرُه وإنَّما تُصبح ولا معيشةَ عندها { الله يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ } ثمَّ إنَّها مع ضعفِها وتوكُّلِها وإيَّاكم مع قوَّتِكم واجتهادِكم سواء في أنَّه لا يرزقُها وإيَّاكم إلا الله تعالى لأنَّ رزقَ الكلِّ بأسبابٍ هو المسبِّبُ لها وحدَهُ فلا تخافُوا الفقرَ بالمُهاجرةِ { وَهُوَ السميع } المبالغُ في السَّمعِ فيسمعُ قولَكم هذا { العليم } المبالغُ في العلمِ فيعلمُ ضمائرَكم .