التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَكَأَيِّن مِّن دَآبَّةٖ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ يَرۡزُقُهَا وَإِيَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ} (60)

قوله تعالى { وكأين من دآبة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم } .

قال الترمذي : حدثنا علي بن سعيد الكندي ، حدثنا ابن المبارك ، عن حيوة ابن شريح ، عن بكر بن عمرو ، عن عبد الله بن هبيرة ، عن أبي تميم الجيشاني ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو أنكم كنتم توكّلون على الله حق توكّله ، لرزقتم كما يُرزق الطير ، تغدو خماصا وتروح بطانا ) .

( السنن 4/573 ح 2344- ك الزهد ، ب في التوكل على الله ) ، وأخرجه أحمد ( المسند 1/30 ) ، والحاكم ( المستدرك 4/318 ) من طريق عبد الصمد بن الفضل كلاهما عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة بن شريح به . قال الترمذي : حديث حسن صحيح . وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه . وصححه الألباني ( صحيح ابن ماجة 2/404 ، والسلسلة الصحيحة ح 310 ) .

قال ابن كثير : ثم أخبرهم تعالى أن الرزق لا يختص ببقعة ، بل رزقه تعالى عام لخلقه حيث كانوا وأين كانوا بل كانت أرزاق المهاجرين حيث هاجروا أكثر وأوسع وأطيب ، فإنهم بعد قليل صاروا حكام البلاد في سائر الأقطار والأمصار ، ولهذا قال تعالى { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } أي : لا تطيق جمعه وتحصيله ولا تؤخر شيئا لغد { الله يرزقها وإياكم } أي : الله يقيض لها رزقها على ضعفها ، وييسره عليها ، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه حتى الذر في قرار الأرض ، والطير في الهواء والحيتان في الماء ، قال الله تعالى { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين } .

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن كثيرا من الدواب التي لا تحمل رزقها لضعفها ، أنه هو جل وعلا يرزقها ، وأوضح هذا المعنى في قوله تعالى : { وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين } .

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ، قوله { وكأين من دابة لا تحمل رزقها } : الطير والبهائم لا تحمل الرزق .