{ من الجنة والناس } يعني يدخل في الجني كما يدخل في الإنسي ، ويوسوس للجني كما يوسوس للإنسي ، قاله الكلبي . وقوله : { في صدور الناس } أراد بالناس : ما ذكر من بعد ، وهو الجنة والناس ، فسمى الجن ناساً ، كما سماهم رجالاً ، فقال : { وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن }( الجن- 4 ) . وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث : جاء قوم من الجن فوقعوا ، فقيل : من أنتم ؟ قالوا : أناس من الجن . وهذا معنى قول الفراء . قال بعضهم : ثبت أن الوسواس للإنسان من الإنسان كالوسوسة للشيطان من الشيطان ، فجعل { الوسواس } من فعل الجنة والناس جميعاً ، كما قال : { وكذلك جعلنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن } ( الأنعام- 112 ) ، كأنه أمر أن يستعيذ من شر الجن والإنس جميعاً .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنبأنا عبد الغافر بن محمد ، أنبأنا محمد بن عيسى ، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا جويرية عن بنان ، عن قيس بن أبي حازم ، عن عقبة بن عامر ، قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط : { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } " .
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أنبأنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا أبو الحسن بن عبد الرحمن بن إبراهيم العدل ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أبو العباس بن الوليد بن مرثد ، أخبرني أبي ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا يحيى بن أبي كثير ، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن عقبة بن عامر الجهني " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون ؟ قلت : بلى ، قال : { قل أعوذ برب الفلق } و{ قل أعوذ برب الناس } " .
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الصمد الجوزجاني ، أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي ، أنبأنا أبو سعيد الهيثم بن كليب الشاشي ، أنبأنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا قتيبة ، حدثنا المفضل بن فضالة ، عن عقيل ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه فنفث فيهما ، فقرأ فيهما : { قل هو الله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } ، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده . يفعل ذلك ثلاث مرات " .
أخبرنا أبو الحسن السرخسي ، أنبأنا زاهر بن أحمد ، أنبأنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنبأنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتهما " .
أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي وأبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي قالا : حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسين الحيري ، أنبأنا محمد بن أحمد بن معقل الميداني ، أنبأنا محمد بن يحيى ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا حسد إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن ، فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ، ورجل آتاه الله مالاً ، فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار " .
أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا إبراهيم بن حمزة ، حدثني ابن أبي حازم ، عن يزيد ، يعني ابن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به " . تم .
وقوله : { الّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النّاسِ } يعني بذلك : الشيطان الوسواس ، الذي يوسوس في صدور الناس : جنهم وإنسهم .
فإن قال قائل : فالجنّ ناس ، فيقال : الذي يوسوس في صدور الناس : من الجنة والناس . قيل : قد سماهم الله في هذا الموضع ناسا ، كما سماهم في موضع آخر رجالاً ، فقال : { وَأنّهُ كَانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنّ } ، فجعل الجنّ رجالاً ، وكذلك جعل منهم ناسا .
وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدّث ، إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا ، فقيل : من أنتم ؟ فقالوا : ناس من الجنّ ، فجعل منهم ناسا ، فكذلك ما في التنزيل من ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.