جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

{ من الجنة والناس{[5486]} } بيان " الذي " ، أو " الوسواس " قال تعالى :{ وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن } ( الأنعام :112 ) ، وعن بعض : هو بيان للناس ، والناس يعمهما تغليبا ، أو يطلق على الجن أيضا ناس حقيقة ، أو لأن المراد من الناس الناسي ، ونسيان حق الله يعمهما .

ختام السورة:

وفي مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر إنه عليه السلام قال : " يا عقبة ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة ، والإنجيل ، والزبور ، والقرآن العظيم ؟ قال : قلت : بلى ، قال : فأقرأني { قل هو الله أحد } ، و{ قل أعوذ برب الفلق } ، و{ قل أعوذ برب الناس }{[1]} .

فإن قلت المناسب أن يتعوذ المتعوذ ب( أعوذ برب الفلق ) ، أو ( أعوذ برب الناس ) ، إلى آخر السورتين من غير لفظة " قل " كما لا يخفى ، قلت : المقصود التعوذ بالسورتين المذكورة فيهما الاستعاذة ، من حيث إنهما كلام الله المجيد ، والسورة هي مجموع { قل أعوذ } إلى تمام السورة ، وبدون " قل " بعض السورة ، وليس الغرض التكلم بهذه الكلمات ، فربما لا ينفع لو غير نظم القرآن مع أنه تكليم بجميع تلك الكلمات ، فافهم ، والله أعلم .

والحمد لله الأول الآخر الباطن الظاهر ، أولا وآخرا ، باطنا وظاهرا ، كلما ذكره الذاكرون ، وسها عن ذكره الغافلون ، حمدا يليق بعظمة جلاله ، وحسن نواله وجماله ، وأستعيذ بعفوه من كل زلل ، واستجير بصفحه ، وغفرانه من كل خطأ وخطل ، حمدا يوافي نعمه ، ويقابل كرمه ، والحمد لله على ما وفقني ورزقني فراغ البال الاشتغال بالتأمل في آيات كتابك ، ولكشف أستار غويصات خطابك ، والآن أفر من فيح نار الجحيم ، إلى ظل ظليل قرآنه الكريم ، هاربا من سواء عدلك ، ماسكا فضلك ، إنك أنت الجواد الكريم ، المنعم الرحيم ، وقد تم ، والحمد لله على جسيم إنعامه في عام سبعين وثمانمائة ، في مكة الشريفة تجاه الكعبة ، زادها الله شرفا .

وأنا حامد لله مصل على رسوله ، ومسلم عليه .

تم بحمد الله .

هخهأنه من أهل التوحيد ، والطاعة ، فأنه ما خلقه كذاك ، { الأننةىىىىىى


[1]:- أحقَّ: أثبت. أزهق: محا. [استعمل أزهق بمعنى زهق، من تناوب فعل وأفعل].
[5486]:واعلم أن في هذه السورة لطيفة أخرى وهي أن المستعاذ به في السورة الأولى مذكور بصفة واحدة، وهي: أنه رب الفلق، والمستعاذ منه ثلاثة أنواع من الآفات، وهي: الغاسق، والنفاثات، والحاسد، وأما في هذه السورة، فالمستعاذ به مذكور بصفات ثلاثة وهي: الرب، الملك، والإله، والمستعاذ منه آفة واحدة، وهي الوسوسة، والفرق بين الموضعين، أن الثناء يجب أن يتقدر بقدر المطلوب فالمطلوب في السورة الأولى سلامة النفس والبدن، والمطلوب في السورة الثانية سلامة الدين، وهذا تنبيه على أن مضرة الدين وإن قلت، أعظم من مضار الدنيا وإن عظمت/12 كبير.