البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

ومن في { من الجنة والناس } للتبعيض ، أي كائناً من الجنة والناس ، فهي في موضع الحال أي ذلك الموسوس هو بعض الجنة وبعض الناس .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون من متعلقاً بيوسوس ، ومعناه ابتداء الغاية ، أي يوسوس في صدورهم من جهة الجنة ومن جهة الناس ، انتهى .

ولما كانت مضرة الدين ، وهي آفة الوسوسة ، أعظم من مضرة الدنيا وإن عظمت ، جاء البناء في الاستعاذة منها بصفات ثلاث : الرب والملك والإله ، وإن اتحد المطلوب ، وفي الاستعاذة من ثلاث : الغاسق والنفاثات والحاسد بصفة واحدة وهي الرب ، وإن تكثر الذي يستعاذ منه .

ويكون معنى { من الجنة والناس } : من الشياطين ونفوس الناس ، أو يكون الوسواس أريد به الشيطان ، والمغري : المزين من قرناء السوء ، فيكون { من الجنة والناس } ، تبييناً لذلك الوسواس .

قال تعالى : { عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً } وقال قتادة : إن من الإنس شياطين ، ومن الجن شياطين ، فنعوذ بالله منهم .

وقال أبو ذر لرجل : هل تعوذت من شياطين الإنس ؟