{ من الجنة والناس } هذا بيان لجنس الوسواس ، وأنه يكون من الجن ومن الناس ، ثم إن الموسوس من الإنس يحتمل أن يريد من يوسوس بخدعه وأقواله الخبيثة فإنه شيطان كما قال تعالى : { شياطين الإنس والجن } [ الأنعام : 112 ] ، أو يريد به نفس الإنسان ؛ إذ تأمره بالسوء ، فإنها أمارة بالسوء ، والأول أظهر . وقيل : { من الناس } معطوف على { الوسواس } كأنه قال : أعوذ من شر الوسواس من الجنة ومن شر الناس ، وليس الناس على هذا ممن يوسوس ، والأول أظهر وأشهر .
فإن قيل : لم ختم القرآن بالمعوذتين ، وما الحكمة في ذلك ؟ فالجواب من ثلاثة أوجه :
الأول : قال شيخنا الأستاذ أبو جعفر بن الزبير : لما كان القرآن من أعظم النعم على عباده ، والنعم مظنة الحسد ، فختم بما يطفئ الحسد من الاستعاذة بالله .
الثاني : يظهر لي أن المعوذتين ختم بهما ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيهما : " أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط " ، كما قال في فاتحة الكتاب : " لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها " ، فافتتح القرآن بسورة لم ينزل مثلها ، واختتم بسورتين لم ير مثلهما ، ليجمع حسن الافتتاح والاختتام ، ألا ترى أن الخطب والرسائل والقصائد وغير ذلك من أنواع الكلام إنما ينظر فيها إلى حسن افتتاحها واختتامها .
الوجه الثالث : يظهر لي أيضا أنه لما أمر القارئ أن يفتتح قراءته بالتعوذ من الشيطان الرجيم ، ختم القرآن بالمعوذتين ليحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة ، وعند آخر ما يقرأ من القراءة ، فتكون الاستعاذة قد اشتملت على طرفي الابتداء والانتهاء ، وليكون القارئ محفوظا بحفظ الله الذي استعاذ به من أول أمره إلى آخره ، وبالله التوفيق ، لا رب غيره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.