الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{مِنَ ٱلۡجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ} (6)

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : { من الجنة والناس } قال : هما وسواسان : فوسواس من الجنة وهو الجن ، ووسواس نفس الإِنسان ، فهو قوله { والناس } .

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : { من الجنة والناس } قال : إن من الناس شياطين ، فنعوذ بالله من شياطين الإِنس والجن .

ختام السورة:

ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد

قال ابن الضريس في فضائله : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، أنبأنا حماد قال : قرأنا في مصحف أبي بن كعب : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك .

قال حماد : هذه الآن سورة ، وأحسبه قال : اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ، ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير كله ، ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك . اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وفي مصحف ابن عباس قراءة أبيّ وأبي موسى : بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك .

وفي مصحف حجر : اللهم إنا نستعينك .

وفي مصحف ابن عباس قراءة أبيّ وأبي موسى : اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نخشى عذابك ، ونرجو رحمتك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج أبو الحسن القطان في المطوّلات عن أبان بن أبي عياش قال : سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت فقال : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجدّ ، إن عذابك بالكفار ملحق .

قال أنس : والله إن أنزلتا إلا من السماء .

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس : إن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين : اللهم إياك نعبد ، واللهم إنا نستعينك .

وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزى قال : قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين .

وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر قنت بهاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك ، واللهم إياك نعبد .

وأخرج البيهقي عن خالد بن أبي عمران قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر ؛ إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت ، فقال يا محمد : إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً ، وإنما بعثك رحمة للعالمين ، ولم يبعثك عذاباً ، ليس لك من الأمر شيء ، أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ، ثم علمه هذا القنوت : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، إليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك الجد بالكفار ملحق .

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، ولك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف ابن مسعود .

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن سويد الكاهلي أن علياً قنت في الفجر بهاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك . اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر عن ميمون بن مهران قال : في قراءة أبيّ بن كعب : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وأخرج محمد بن نصر عن ابن إسحق قال : قرأت في مصحف أبيّ بن كعب بالكتاب الأول العتيق : بسم الله الرحمن الرحيم { قل هو الله أحد } إلى آخرها . بسم الله الرحمن الرحيم { قل أعوذ برب الفلق } إلى آخرها . بسم الله الرحمن الرحيم { قل أعوذ برب الناس } إلى آخرها . بسم الله الرحمن الرحيم : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ولا نكفرك ، ونخلع ونترك من يفجرك . بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكفار ملحق . بسم الله الرحمن الرحيم : اللهم لا تنزع ما تعطي ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، سبحانك وغفرانك ، وحنانيك إله الحق .

وأخرج محمد بن نصر عن يزيد بن حبيب قال : بعث عبد العزيز بن مروان إلى عبد الله بن رزين الغافقي فقال له : والله إني لأراك جافياً ، ما أراك تقرأ القرآن ؟ قال : بلى ، والله إني لأقرأ القرآن ، وأقرأ منه ما لا تقرأ به . فقال له عبد العزيز : وما الذي لا أقرأ به من القرآن ؟ قال : القنوت . حدثني علي بن أبي طالب أنه من القرآن .

وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال : كان أبو عبد الرحمن يقرئنا : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ، ونخشى عذابك الجد ، إن عذابك بالكفار ملحق .

وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ، ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرئهم إياها .

وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي قال : قرأت ، أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أبيّ بن كعب هاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك ، والأخرى ، بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ، قبلهما سورتان من المفصل ، وبعدهما سور من المفصل .

وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال : كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك ، واللهم إياك نعبد .

وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال : يقرأ في الوتر السورتين اللهم إياك نعبد ، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك .

وأخرج محمد بن نصر عن خصيف قال : سألت عطاء بن أبي رباح : أي شيء أقول في القنوت ؟ قال : هاتين السورتين اللتين في قراءة أبيّ : اللهم إنا نستعينك ، واللهم إياك نعبد .

وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال : نبدأ في القنوت بالسورتين ، ثم ندعو على الكفار ، ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات .

وأخرج البخاري في تاريخه عن الحارث بن معاقب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : في صلاة من الصلوات : «بسم الله الرحمن الرحيم ، غفار غفر الله لها ، وأسلم سالمها الله ، وشيء من جهينة وشيء من مزينة ، وعصية عصت الله ورسوله ، ورعل وذكوان ما أنا قلته ، الله قاله » . قال الحارث فاختصم ناس من أسلم وغفار فقال الأسلميون : بدأ باسلم ، وقال غفار : بدأ بغفار . قال الحارث : فسألت أبا هريرة فقال : بدأ بغفار .

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر ، فلما رفع رأسه من الركعة الآخرة قال : «لعن الله لحياناً ورعلاً وذكوان . وعصية عصت الله ورسوله . أسلم سالمها الله . غفار غفر الله لها . ثم خر ساجداً . فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه فقال : أيها الناس ، إني لست قلت هذا ، ولكن الله قاله » .