قوله تعالى : { ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه } يعني فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطول العمر وكثرة المال . قال المبرد : ما في قوله : " فيما " بمنزلة الذي ، " إن " بمنزلة " ما " وتقديره : ولقد مكناهم في الذي ما مكناهم فيه . { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شيء إذ كانوا يجحدون بآيات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون }
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ مَكّنَاهُمْ فِيمَآ إِن مّكّنّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَآ أَغْنَىَ عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلاَ أَبْصَارُهُمْ وَلاَ أَفْئِدَتُهُمْ مّن شَيْءٍ إِذْ كَانُواْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَحَاقَ بِه مّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } .
يقول تعالى ذكره لكفار قريش : ولقد مكّنا أيها القوم عادا الذين أهلكناهم بكفرهم فيما لم نمكنكم فيه من الدنيا ، وأعطيناهم منها الذي لم نعطكم منهم من كثرة الأموال ، وبسطة الأجسام ، وشدّة الأبدان . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : ثني أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَقَدْ مَكّنّاهُمْ فِيما إنْ مَكّنّاكُمْ فِيهِ يقول : لم نمكنكم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَقَدْ مَكَنّاهُمْ فِيما إنْ مَكّنّاكُمْ فِيهِ : أنبأكم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم .
وقوله : وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعا يسمعون به مواعظ ربهم ، وأبصارا يبصرون بها حجج الله ، وأفئدة يعقلون بها ما يضرّهم وينفعهم فَمَا أغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أبْصَارُهُمْ وَلا أفْئِدَتُهُمْ منْ شَيْءٍ يقول : فلم ينفعهم ما أعطاهم من السمع والبصر والفؤاد إذ لم يستعملوها فيما أعطوها له ، ولم يعملوها فيما ينجيهم من عقاب الله ، ولكنهم استعملوها فيما يقرّبهم من سخطه إذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بآياتِ اللّهِ يقول : إذ كانوا يكذّبون بحجج الله وهم رُسله ، وينكرون نبوّتهم وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئون يقول : وعاد عليهم ما استهزأوا به ، ونزل بهم ما سخروا به ، فاستعجلوا به من العذاب ، وهذا وعيد من الله جلّ ثناؤه لقريش ، يقول لهم : فاحذروا أن يحلّ بكم من العذاب على كفركم بالله وتكذيبكم رسله ، ما حلّ بعاد ، وبادروا بالتوبة قبل النقمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.