قوله تعالى : { وَلَقَدْ مَكَّنَاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ } ما موصولة ، أو موصوفة{[51053]} .
أحدها : شرطية ، وجوابها محذوف والجملة الشرطية صلة ما ، والتقدير : في الَّذي إنْ مَكَّنَّاكُمْ فيه طَغَيْتُمْ{[51054]} .
والثاني : أنها مزيدة تشبيهاً للموصولة بما النافية والتوقيتية{[51055]} ، وهو كقوله :
4458 يُرَجِّي الْمَرْء مَا إنْ لاَ يَرَاهُ *** وَتَعْرِضُ دُونَ أَدْنَاهُ الخُطُوبُ{[51056]}
والثالث : وهو الصحيح أنها نافية بمعنى مكّناكم في الذي ما مكّناهم فيه من القوة والبَسْطَةِ وسَعَةِ الأرزاق{[51057]} . ويدل له قوله في مواضع : { أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } [ الروم : 9 ] وأمثاله . وإنما عدل عن لفظ «ما » النافية إلى «إنْ » كراهية لاجتماع متماثلين لفظاً . قال الزمخشري : وقد أَغَثُّ{[51058]} أبو الطيب في قوله :
4459 لَعْمُرَكَ ما ما بانَ مِنْكَ لَضَارِبٌ *** . . . . . . . . . . . . . . . {[51059]}
وما ضره لو اقتدى بعذوبة لفظ التنزيل فقال : «مَا إنْ بان » .
معنى الآية مكناهم فيما لم نمكنكم فيه من قوة الأبدان وطولِ العمر ، وكَثْرةِ المال ثم إنهم مع زيادة القُوَّة ما نَجَوْا من عذاب الله تعالى فكيف يكون حالكم ؟ ثم قال : { وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً } أي فتحنا عليهم أبواب النعم وأعطيناهم سمْعاً ، فما استعملوه في سَمَاع الدلائل وأعطيناهم أبصاراً فما استعملوها في دلائل ملكوت السموات والأرض ، وأعطيناهم أفئدة فما استعملوها في طلب معرفة الله تعالى بل صرفوا كل هذه القُوَى إلى طلب الدنيا ولذاتها فلا جَرَمَ ما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من عذاب الله تعالى{[51060]} .
قوله : { فَمَآ أغنى } يجوز أن يكون «ما » نفياً وهو الظاهر . أو استفهاماً للتقرير{[51061]} .
واستبعده أبو حيان لأجل قوله : { مِّن شَيْءٍ } قال : إذ يصير التقدير أي شيء أغنى عنهم من شيء ؟ فزاد «من » فِي الوَاجِبِ{[51062]} ، وهو لا يجوز على الصحيح{[51063]} .
قال شهاب الدين : قالوا يجوز زيادتها في غير المُوجب . وفسروا غير الموجب بالنفي والنهي والاستفهام وهذا استفهام{[51064]} .
قوله : { إِذْ كَانُواْ } معمول ل «أغْنى » وِهيَ مُشْربة معنى التعليل ، أي لأنهم كانوا يجحدون فهو كقوله ضَرَبْتُهُ إذْ أَسَاءَ ، أي ضربته لأنه أساء{[51065]} . وفي هذه الآية تخويف لأهل مكة . ثم قال : { وَحَاقَ بِه مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } يعني أنهم كانوا يطلبون نزول العذاب على سبل الاسْتِهْزَاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.